سورة الممتحنة
ثلاث عشرة آية مدنية
وأولياء مفعول ثان لتتخذوا. تلقون: بيان لموالاتهم، فلا موضع له من الإعراب، أو استئناف إخبار. وقال الحوفي والزمخشري: حال من الضمير في {لا تتخذوا}، أو صفة لأولياء، وهذا تقدّمه إليه الفراء، قال: {تلقون إليهم بالمودّة} من صلة {أولياء}. انتهى. وعندهم أن النكرة توصل، وعند البصريين لا توصل بل توصف، والحال والصفة قيد.
ومفعول {تلقون} محذوف، أي تلقون إليهم أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلّموأسراره. والباء في {بالمودة} للسبب، أي بسبب المودة التي بينهم. وقال الكوفيون: الباء زائدة، كما قيل: في: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}: أي أيديكم. قال الحوفي: وقال البصريون هي متعلقة بالمصدر الذي دل عليه الفعل، وكذلك قوله {بإلحاد بظلم}: أي إرادته بإلحاد. انتهى. فعلى هذا يكون {بالمودّة} متعلقاً بالمصدر، أي إلقاؤهم بالمودّة، وهذا ليس بجيد، لأن فيه حذف المصدر، وهو موصول، وحذف الخبر، إذ إلقاؤهم مبتدأ وبما يتعلق به، {وقد كفروا} جملة حالية، وذو الحال الضمير في {تلقون}: أي توادونهم، وهذه حالهم، وهي الكفر بالله، ولا يناسب الكافر بالله أن يودّ. وأجاز الزمخشري أن يكون حالاً من فاعل {لا تتخذوا}.
وأن تؤمنوا{الرَّسُولَ وَإِيَّكُمْ أَن} مفعول من أجله، أي يخرجون لإيمانكم أو كراهة إيمانكم، {إن كنتم خرجتم}: شرط جوابه محذوف لدلالة ما تقدّم عليه، وهو قوله: {لا تتخذوا عدوي}، ونصب جهاداً وابتغاء على المصدر في موضع الحال، أي مجاهدين ومبتغين، أو على أنه مفعول من أجله. {تسرون}: استئناف.
وقال ابن عطية: {تسرون} بدل من {تلقون}. انتهى، وهو شبيه ببدل الاشتمال، لأن الإلقاء يكون سراً وجهراً، فهو ينقسم إلى هذىن النوعين. وأجاز أيضاً أن يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره: أنتم تسرون. والظاهر أن {أعلم} أفعل تفضيل، ولذلك عداه بالباء. وأجاز ابن عطية أن يكون مضارعاً عدى بالباء قال: لأنك تقول علمت بكذا. {وأنا أعلم}: جملة حالية، والضمير في {ومن يفعله منكم}، الظاهر أنه إلى أقرب مذكور، أي ومن يفعل الأسرار. وقال ابن عطية: يعود على الاتخاذ، وانتصب سواء على المفعول به على تقدير تعدى ضل، أو على الظرف على تقدير اللزوم، والسواء: الوسط.
قال الزمخشري: فإن قلت: كيف أورد جواب الشرط مضارعاً مثله، ثم قال {وودّوا} بلفظ الماضي؟ قلت: الماضي، وإن كان يجري في باب الشرط مجرى المضارع في علم الإعراب، فإنه فيه نكتة كأنه قيل: وودوا قبل كل شيء كفركم وارتدادكم، يعني أنهم يريدون أن يلحقوا بكم مضار الدنيا والدين جميعاً. انتهى. وكأن الزمخشري فهم من قوله: {وودوا} أنه معطوف على جواب الشرط، فجعل ذلك سؤالاً وجواباً. والذي يظهر أن قوله: {وودّوا} ليس على جواب الشرط، لأن ودادتهم كفرهم ليست مترتبة على الظفر بهم والتسلط عليهم، بل هم وادون كفرهم على كل حال، سواء أظفروا بهم أم لم يظفروا، وإنما هو معطوف على جملة الشرط والجزاء.
ويوم معمول لينفعكم أو ليفصل. وقرأ الجمهور؛ يفصل{أَوْلَدُكُمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ يَفْصِلُ} بالياء مخففاً مبنياً للمفعول. وقرأ الأعرج وعيسى وابن عامر: كذلك إلا أنه مشدد، والمرفوع، إما {بينكم}، وهو مبني على الفتح لإضافته إلى مبني، وإما ضمير المصدر المفهوم من يفصل، أي يفصل هو، أي الفصل.
والذي يظهر أنه مستثنى من مضاف لإبراهيم تقديره: أسوة حسنة في مقالات إبراهيم ومحاوراته لقومه إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك{لَكُمْ أُسْوَةٌ}، فليس فيه أسوة حسنة، فيكون على هذا استثناء متصلاً.
وقيل: هو استثناء منقطع المعنى، لكن قول إبراهيم لأبيه {لأستغفرن لك}، فلا تأسوا به فيه.
و{أن تبروهم}، و{أن تولولهم} بدلان مما قبلهما، بدل اشتمال.
قرئ مهاجرات بالرفع على البدل من المؤمنات.
{قد ينسوا من الآخرة}: وقيل: من لبيان الجنس، أي الكفار الذين هم أصحاب القبور، والمأيوس منه محذوف، أي كما يئس الكفار المقبورون من رحمة الله.
وقد ذكرنا أن الظاهر كون من لابتداء الغاية، إذ لا يحتاج الكلام إلى تقدير محذوف.
الأحد أغسطس 22, 2010 3:11 pm من طرف حسن البنا