<H2 style="LINE-HEIGHT: normal; TEXT-INDENT: 0.3in; MARGIN: 0in 0in 0pt" dir=rtl align=center>[b]حضارة الأويغور في عهد الدولة القراخانية والإديقوتية
د. عبدالرحمن جمال الكاشغري
لقد ذكرنا فى المقال السابق بعنوان(الأويغور والشعوب التركية فى الدولة القراخانية) أن الأويغور أقاموا دولة جديدة -بعد دولة الأورخون الأويغورية- فى بلدهم الحالية فى القرن التاسع الميلادي ثم انقسموا إلى دولتين بسبب الاختلاف الدينى وذلك بإسم الدولة القراخانية الإسلامية(850م-1212م) والدولة الإديقوتية(850م-1335م) غير الاسلامية.
إن الحضارة ازدهرت عند الأويغور في عهود دولة القراخانيين وخانية إديقوت ووصلت إلى مستوى الحضارة التقليدية، وهذا ما قررته دراسات العلماء في داخل ترعيبتان وخارجها.
فعلى سبيل المثال يقول: العالم الإنجليزي أ، ستاين: "لقد سبق الأويغور القبائل التركية الأخرى
في آسيا الوسطى في الحضارة بزمن طويل"(1). ويقول المستشرق الفرنسي ر، جروست: "قد كان الأويغور أساتذة الحضارة في آسيا الوسطى"(2). ويقول عالم فرنسي آخر وهو هاملتون مؤكدا: "إن الأويغور كانوا أصحاب حضارة متقدمة منذ القرن التاسع الميلادي....ومع تقدم الأويغور في الحضارة تقدما كبيرا استحقوا قبل القرن الثالث عشر لقب «أساتذة الحضارة» بالنسبة للقبائل التركية والمنغولية".(3) وحضارة الأويغور التي وصلت إلى مستوى الحضارة التقليدية في العصور الوسطى تتمثل في أي مجالات؟ فيوضح هذا الباحث الصيني لي يونغ هذا في مقالته بعنوان: "الأويغور أساتذة المعرفة الذين حققوا المجد التاريخي" إن الحضارة النموذجية للأويغور ترتكز في خمس نقاط:
1- استخدام الكتابة ونشرها.
2- تصدير اللغة الأدبية للغرب (يقصد بها غرب آسيا الوسطى).
3- تصدير الطباعة للغرب.
4- ثراء الوثائق الحضارية التاريخية.
5- نشر الثقافة الدينية.(4). إن معظم القبائل المتحدث بالتركية في آسيا الوسطى قضت حياتها في الخيام المصنوعة من اللبد جريا وراء المياه متنقلين يتتبعون أفواج الأنعام، ومعظم القبائل المتحدثة بالتركية لم تترك عاداتهم هذه حتى بعد أن وصلوا إلى عهد خانية التركية.
ويمكن أن تلاحظ مستوى الحضارة عند الأويغور في عهود القراخانيين وخانية إديقوت في النقاط التالية:
1-اشتغال الأويغور بالزراعة، وتحولهم من حياة التنقل إلى حياة الاستقرار، واعتيادهم الحياة المدنية كانت قد سبقت الآخرين. وفي هذا الصدد يقول العالم الروسي أ، ي، ياكووسكي: "إن الغالبية العظمى للأويغور بدأوا الاشتغال بالزراعة المستقرة قبل القبائل المتحدثة بالتركية... وأبدعوا الكتابة الخاصة بهم قبل القبائل التركية ومن ثم أصبحوا أرقى الشعوب تقدما في الحضارة بين الشعوب القاطنة في آسيا الوسطى".(5) إذن، كان معظم الأويغور في عهد القراخانيين يشتغلون بالزراعة، وأصبحت مناطق يته سو وما وراء النهر وبساتين كاشغر وخوتان أفضل بيئة للفلاحة والزراعة، وكانت الرعي شيء ثانوي وإضافي بجانب الفلاحة.
2- الحياة الحضرية: وما ورد في كتاب محمود الكاشغري من أن الأويغور كانت لهم المدن الخمس في وادي تنغري تاغ، هذه المقولة تصل إلى القرن الرابع قبل الميلاد.
وبناء على ما ورد في وثيقة مانية، ذكر أن في داخل حدود دولة إديقوت توجد 22 مدينة.
وفي عهد القراخانيين تم بناء العديد من المدن في رياض كاشغر ويته سو وما وراء النهر.
إذن، إن مفهوم الحياة المدنية لدى الأويغور لها خلفية تاريخية موغلة في القدم.
3-التجارة: اتجهت المهن اليدوية وأمور التجارة نحو التخصص، فمهن الأويغور اليدوية أظهرت مهارتهم وتفننهم في إعداد أنواع الأطعمة والأشربة والملابس المتنوعة للرجال والنساء، وفي فن العمارة وصياغة مواد الزينة وصناعة أدوات الحياة اليومية.
إن الأويغور قد لعبوا دورا نشطا ورياديا في حركة التجارة على طريق الحرير ابتداء من عهد خانية أويغور.
تقول الباحثة الألمانية السيدة جابائن وهي بصدد الحديث عن التجارة عن الأويغور: «اشتغل الأويغور بالتجارة، واستفادوا منها كثيرا، وكان الحاسة التجارية لديهم عالية جدا تجاه حاجة الشعوب الأخرى إلى البضائع وقدرتها على الشراء»(6). وكتب المؤلف الروسي ج. وردانسكي قائلا:"إن دور الأويغور كبير جدا في تاريخ آسيا الوسطى في العصور الوسطى سواء في السياسة أو الحضارة. إن الأويغور الذين سيطروا على وسط طريق التجارة الممتد من الصين حتى بحر الكاسبي، قد لعبوا دور الوسيط في التبادل الحضاري بين الصين والهند وإيران في مجالات مختلفة"(7). إذن، يمكن القول إن الأويغور اعتمدوا على التجارة كدعامة أساسية للتنمية الإجتماعية. واستفادوا من الشعوب المجاورة التكنولوجيا الجديدة والفكرالجديد ونشروا هذا التكنولوجيا الجديد والفكر الجديد إلى الدول المجاورة (. 4-الطب: ما زال المؤلفات التي كتبها الأويغور قبل 1000 سنة في علوم الطب محفوظة حتى الآن. ويتبين من خلال النظر في هذه المؤلفات أن الطب قد اكتملت ونضجت عند الأويغور منذ زمن بعيد، كما تدل هذه المؤلفات على مستوى التقدم الحضاري لدى الأويغور.
يقول الدكتور التركي أ. سهيل الذي درس الآثار الطبية في مدينة طورفان في تقييمه لإنجازات أويغور(اديقوت) في المجال الطبي: «إن حضارة الأويغور التي حققت إنجازات ليس في مجال العلم وحده، بل في مجال الطب أيضا تأتي في مقدمة الحضارات المعاصرة في مختلف النواحي، ولقد حافظ الأويغور على العلم والمعرفة والطب في آسيا من بين الشعوب التركية"(9). حقق الأويغور فى دولة القراخانية والإديقوتية نجاحا مرموقا فى الفنون الطبيعية والطب والفلك والتقويم والعمارة وفن التصوير والنقاش والتحنيط(10). 5- الوعي القومي: ارتفع لدى الأويغور الوعي القومي ومفهوم القومية منذ خانية الأويغور منذ القرن السابع بوضوح تام.
ولقد عرف اسم «الأويغور» العرقي أولا قبل الشعوب والقبائل المتحدثة بالتركية.
وما ورد في «أوغوزنامه» من تسمية أوغوزخان القبيلة الرئيسية التي ساندته بإسم «الأويغور» توضح كون القبائل الأويغورية قد استحقت هذا الاسم منذ أواخر المجتمع الابتدائي. كما توضح سبب افتراض بعض اللغويين أن اسم «أغور-الأويغور» قد وجدت في عهد لغات آلتاي.(11) إن قبائل الأويغور وإن توحدت تحت اسم «دنغلينغ» في القرن الثالث قبل الميلاد، إلا أنهم منذ القرن الخامس الميلادي عرفوا باسم «الأويغور العشرة» وبإسم «الأوغوز التسعة». ومنذ ذلك الحين بدأت قبائل «الأويغور العشرة» و«الأوغوز التسعة» في صناعة تاريخهم القومي كقبيلة رئيسة للقبائل الأويغورية.
إن اسم الأويغور في عهد خانيات الأويغور وإن استعملت كإسم قومي عام للقبائل الأويغورية التي انضمت تحت لواء القبيلة الرئيسة «الأويغور العشرة» و«الأوغوز التسعة»، إلا أنه في أحيان كثيرة قد استخدمت اسم «الأويغور العشرة» و«الأوغوز التسعة» اسم كل واحدة على حدة أو مقترنة.
وما زال اسم «الأويغور» تستعمل كإسم قومي عام منذ عهد الدولة القراخانية والإديقوتية حتى يومنا هذا.
(1) – نقلا من كتاب "الأويغور في الشرق والغرب". غيرتجان عثمان. ص 276. (2) –امبراطور المروج-ر. جروست. باللغة الصينية جنخه ي ط: 1991، ص: 147 . (3) – الوثائق التاريخية المتعلقة للأويغور فى العهود الخمسة- خاملتون،ط: 1982 باللغة الصينية، ص: 8. (4) – "حولية الجامعة المهنية بأورومجى" . العدد 1-2 لسنة 1980م. (5) –اللغة الأويغورية المعاصرة-أكاديمية العلوم القازاقية،ج1، ص: 372. ط: 1986 بالأويغورية. (6) -أ، و، جابائن. "دولة خانية قوجو الأويغورية السوداء" حولية جامعة سنكيانغ العلمية العدد 3 لسنة 1980م. وانظر كذلك " تاريخ موجز للأويغور" ط:1990 بالأويغورية، ص: 82.
(7) - أ، ك، مالياوجين. "الدول الأويغورية في القرن الحادي عشر والثاني عشر الميلادي" ص405 طبعة دار الشعب للنشر بسنكيانغ. 1994م. ( – الحضارة القديمة فى طريق الحرير-كلمكايت (الألمانية)، اللغة الصينية بسنكيانغ. (9) -أ، سهيل أنور. "الطب عند الأويغور" ص405 طبعة دارالنشر التقني والطبي بسنكيانغ. 1997م. ص5. (10) –انظر فن التصوير عند الأويغور- د.ربيع حامد خليفة، القاهرة. (11) -مقالات علمية لإبراهيم مطيعي-ط: 1990 بالأويغورية. [/b]</H2>
الأربعاء يوليو 14, 2010 9:27 pm من طرف sadness