اصبح من المألوف لنا عبر التاريخ أن نستمع في كل
يوم لاكاذيب ومزاعم
اليهود حول هيكل سليمان، حتي حفظنا عن ظهر قلب دعواهم بأن المسجد الاقصي
أقيم علي أنقاض هذا الهيكل، وأتخذوا من هذه المزاعم حجة ليحفروا اسفل
المسجد انفاقا بحثا عن الهيكل المزعوم، ولم يجدوا شيئا، واتضح أن النوايا
الحقيقية وراء حفرياتهم هي عمل تصدعات في المسجد الاقصي وزعزعة أساساته
حتي ينهار.

ومؤخرا أثبتت البحوث العلمية كذب مزاعمهم وحقيقة نواياهم، ومن هذه البحوث
دراسة تحليلية مقارنة قام بها الدكتور مهندس يحيي وزيري استاذ العمارة
المساعد والمحاضر بكلية آثار القاهرة فاز فيها بجائزة مسابقة الاقصي
الدولية الاولي التي نظمتها وزارة الاوقاف بدولة الكويت، وكان عنوانها
'المسجد الاقصي ام الهيكل المزعوم؟'.. اعتمد فيها علي تحليل الشواهد
المعمارية والأثرية التي تعتبر من الادلة المادية التي يمكن الاعتماد
عليها لاثبات الهوية الاسلامية للمسجد الاقصي المبارك، وذلك مقارنة بما
ورد من أوصاف هندسية للهيكل المزعوم في التوراه كتاب اليهود المقدس.



>> الاسباب:

يقول د. يحيي وزيري ان الهدف من إجراء هذا البحث هو استخدام الادلة
المادية المتمثلة في المعمار والآثار، والتي لا يمكن التشكيك في مصداقيتها
لاثبات الهوية الاسلامية للمسجد الاقصي عن طريق القيام بعمل دراسة تحليلية
لاسلوب توجيه اسوار الحرم القدسي، والتي تمثل الابعاد المحددة للمسجد
الاقصي، حتي يمكن اكتشاف إلي أي الجهات يتجه المسقط الافقي للمسجد الاقصي،
ومن جانب آخر دراسة الوصف الهندسي للمسجد الاقصي، والذي يشمل الشكل والنسب
الهندسية ومادة البناء، مع عمل مقارنة لكل ما سبق مع الوصف الهندسي للهيكل
المزعوم اعتمادا علي النصوص التوراتية التي أوردت وصفا هندسيا ومعماريا
للهيكل لتوضيح كذب الادعاءات بوجوده من الاصل.

هدف ثان لهذه الدراسة يوضحه لنا الدكتور يحيي وزيري وهو توضيح أوجه
التشابه بين شكل ونسب المسجد الاقصي ثاني مسجد وضع في الارض وبين الكعبة
المشرفة أول بيت وضع للناس.



>> نحو الكعبة:

ويوضح د. وزيري ان المسجد الاقصي بني بعد الكعبة المشرفة كما يقرر ذلك
الحديث النبوي الشريف الذي ورد عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قلت
يارسول الله أي مسجد وضع في الارض أول قال: المسجد الحرام، قال: قلت ثم
أي؟ قال: المسجد الاقصي قلت: كم كان بينهما؟ قال: اربعون سنة، ثم أينما
أدركتك الصالة بعد فصل فإن الفضل فيه.. وهذا يعني أن قبلة المسجد الاقصي
لابد أن تكون موجهة إلي مكة المكرمة حيث الكعبة المشرفة والمسجد الحرام.

ويؤكد المهندس وزيري ان اساس اسوار الحرم القدسي الشريف الحالي موجودة منذ
حكم هيرود الكبير للقدس والذي مات عام 4 قبل الميلاد وهو ما كشفت عنه
الحفريات التي قام بها تشارلز مارين عام 1867 والتي وصلت إلي عمق 24 مترا
تحت سطح الارض تحت رعاية هيئة تمويل التنقيب عن آثار فلسطين، فإن هذا يعني
أن المحور الاساسي للحرم القدسي الشريف يتجه للقبلة قبل فتح المسلمين لبيت
المقدس بحوالي 650 عاما الامر الذي يؤكد ما ورد في الحديث النبوي الشريف.



>> توجيه الهيكل المزعوم:

ويتناول البحث بالدراسة النصوص التوراتية التي تصف بيت الرب والمعروف
بالهيكل عند الهيود، فيجد أن أحد النصوص التي توضح توجيه الهيكل وتحديدا
في سفر الملوك الاول الاصحاح السادس الآية9 يقول.. وكان باب الغرفة الوسطي
في جانب البيت (الهيكل) الأيمن وكانوا يصعدون بدرج يعطف إلي الوسطي ومن
الوسطي إلي الثالثة.. يقول الدكتور وزيري، فالنص التوراتي يقرر أن باب
الغرفة الوسطي كانت في جانب البيت الايمن، أي في جهة الشرق، وهذا يعني أن
المحور الاساسي للهيكل يأخذ اتجاه الشرق الغرب، وهو ما تؤكده كل الرسومات
التي قام بها الاثريون والمهندسون اليهود لهيكل سليمان حسب الوصف
التوراتي، وهنا يبرز سؤال مهم إلي أي شيء أو موقع مقدس يقع الي الغرب من
مدينة القدس كان يتجه هيكل سليمان؟ الاجابة الواضحة علي ذلك أنه لا يوجد
شيء محدد أو موقع مقدس عند اليهود في هذه الجهة، ومن جانب آخر فإن توجيه
الهيكل بهذا الشكل يتعارض أيضا مع إتجاه الاستطالة الرئيسي للشكل الهندسي
للحرم القدسي والمسجد الاقصي، وهكذا يتضح كذب مزاعم اليهود بوجود هيكل
سليمان ذلك.

ليس هذا فحسب، فقد أثبتت الدراسة عدم منطقية النسب الهندسية المزعومة
للهيكل المزعوم حيث قام الدكتور يحيي وزيري بدراسة النصوص التوراتية التي
تتحدث عن شكل الهيكل ونسبه الهندسية، فوجد انه ورد في الاصحاح السادس من
سفر 'الملوك الاول' وصف محدد لمقاسات بيت الرب والهيكل جاء فيها: والبيت
الذي بناه الملك سليمان للرب طوله ستون ذراعا وعرضه عشرون ذراعا وسمكه (أي
ارتفاعه) ثلاثون ذراعا والرواق قدام هيكل البيت طوله عشرون ذراعا حسب عرض
البيت وعرضه عشر أذرع قدام البيت.. وفي نص آخر من التوراة وتحديدا في
الاصحاح الثالث 'أخبار الايام الثاني' قال.. وهذه اسسها سليمان لبناء بيت
الله الطول بالذراع علي القياس الاول ستون ذراعا والعرض عشرون ذراعا،
والرواق الذي قدام الطول حسب عرض البيت عشرون ذراعا وارتفاعه مائة وعشرون
وغشاه من داخل بذهب خالص.. ومن هذا النص يتضح لنا أن ارتفاع الرواق الذي
يتقدم الهيكل هو مائة وعشرون ذراعا في حين أن النص الاول يحدد أن ارتفاع
الهيكل ثلاثون ذراعا، فالهما نصدق، وهل يمكن لاي متخصص في النواحي
المعمارية أو الاثرية أن يجد أي منطق هندسي في كون ارتفاع الهيكل 30
ذراعا، في حين أن ارتفاع الرواق الذي يتقدمه 120 ذراعا؟



>> حائط البراق:

ومن الاكاذيب ايضا التي كشفتها هذه الدراسة هو ما يتعلق بحائط البراق الذي
يعد من أهم الآثار الاسلامية المرتبطة بالحرم القدسي الشريف ويعد من
الاملاك الاسلامية ويشكل الجزء الجنوبي الغربي من جدار الحرم ويبلغ طوله
48 مترا وارتفاعه 17 مترا، فعلي الرغم من أن اليهود لا يملكون أي حق
قانوني في هذا الحائط إلا أن سماحة المسلمين أذنت لهم بزيارة هذا الحائط
والبكاء خلفه ومن هنا اطلقوا عليه زورا وكذبا اسم حائط المبكي، فهذا
الحائط لم يكن موقع عبادة عند اليهود حتي القرن السادس عشر الميلادي