في الوقت الذي تسعي فيه المرأة للتمرد علي الرجل الذي سلبها حقوقها طوال قرون، تتم- في الخفاء- أكبر عملية مصادرة نسائية لحق الرجل في الحياة. لقد صادرة المرأة حق الرجل في البكاء، تربيه طفلا لا تسمح له بالبكاء، وترافقه زوجة ترفض أن تري دموعه حتي في لحظات الأزمة.
وقد راح ملايين الرجال ضحايا هذه (المؤامرة) النسائية، التي تجري وقائعها منذ فجر التاريخ، وسقوط ضحايا لأمراض القلب والذبحة الصدرية والقرحة والتوتر والألم.
وفي المقابل إستطاعت المرأة أن تحيا أطول، وتعيش أفضل، ببضعة قطرات من الدموع، نجحت من خلالها أن تفرض سيطرتها علي الرجل.. وتقصف عمره أيضا.
*********
في زمن تتعاظم فيه الأحزان وتتكثف، تزداد قيمة قطرات الدموع لأنها تطهر النفوس وتزيل سواد القلب وتداوي أجنحة الروح المعيبورة. والدمعة تختلف من أنسان إلي أخر، ومن الرجل إلي المرأة إلي الطفل، ولكنها أكثر ثراء وتعبيرا من الكلمات.
وما أكثر ماتنهمر الدموع بسبب الحب، ففي قصة قرأتها أسمها "سارة" للأديب عباس محمود العقاد الذي كان شديد الحساسية سريع البكاء، أنه عندما حانت لحظة الوداع بينهما، بكي بكاء شديدا.
ولحظة البكاء لحظة أنسانية، حتي هؤلاء الذين يدعون الصلابة ويحبسون دموعهم في المأقي، سرعان مايخسرون كل مقاومتهم في لحظة ما. أنا لست ممن يربطون بين الدموع والضعف، ورجولة الرجل ليست بمقدار مقاومته لدموعه.
وقد قيل عن دموع المرأة: تبكي المرأة قبل الزواج ويبكي الرجل بعده!
يقول سقراط: تستطيع الشمس أن تجفف مياه المحيط ولكنها لا تستطيع أن تجفف دموع المرأة.
وقد قالت لي فتاة مرة( أحب أن تكون دموعي داخلي، إنها تطهرني وعندما تجف أكون أكثر نقاء. لذلك لا أبكي أبدا أمام الأخرين).
البكاء حياة؟!
أكد العلماء أن بتحليل الدموع ثبت أن قطرات الحزن فيها مكونات كيميائية تختلف عن دموع الفرح.. وتختلف أسباب البكاء من النساء إلي الرجال. فالمرأة تبكي أكثر عندما تفقد عزيزا أوتخسر حبا كانت تعتز به. ويبكي الرجل ثأرا لكرامته أو عجزا عن تحقيق نجاح في عمل، أما الطفل فهو يبكي دائما لأنه عاجز وغير قادر علي التعبير بالكلام أو الفعل أو التحكم في إنفعالته.
وقال العلماء أن الأشخاص الذين يمنعون أنفسهم من البكاء، أكثر تعرضا للقرحة واضطرابات القلب وأمراض الضغط.. ويستطيع الأنسان أن يقي نفسه من هذه الأخطار، لو أنه ترك لنفسه متسعا ينفس عما يشعر به من خلال البكاء.
والبكاء يحمي من التوترات العصبيه ويحمي الأنسان من أمراض الجهاز الهضمي والقولون وأمراض الجهاز الدوري وأنسداد شرايين القلب والذبحة الصدرية وأنفجار المخ وجلطات القلب بل أن عدم التخلص من نصف لتر من الدموع سنويا يجعل الأنسان مهددا بالتسمم البطئ.
ولأن المرأة تنفس عما بداخلها بالدموع فأنها تحمي نفسها، أما الرجل فهو معرض للأمراض المرتبطة بالكبت النفسي، وخاصة القرحة التي تزداد بين الرجال.
وأحب أن أقول أن قرحة المعدة لا تأتي مما تأكله بل مما يأكلك!؟
إنها وسيلة حياة حاول أن تعبر بدموعك عما يجيش به نفسك.