السلام عليكم
هاكم ما حدث لي منذ اسبوع فقط ...
هي عبرة لمن يعتبر ..
ودرس مهم لمن لم يتعلم بعد من الحياة ..
واستراحة من خلالها تتجدد انسجة وخلايا في جسد الفكر
هي صورة رائعة لمنظر بائس....
هو درس لن انساه ما حييت .
انطلقت صباح ذلك اليوم بسيارتي مسرعا
فقد كان هناك ما يجب انجازه من عمل شخصي بإحدى الدوائر الحكومية
وكنت اجتاز السيارات بسرعة فائقة
فيما البعض منهم ينظر إلي بتعجب
هذا عدا ما كانوا يلوكونه بألسنتهم من مختلف التعابير الغاضبة.
وفيما انا مسرع كالبرق
إذا بشيخ غجوز يقف على يمين الطريق
وقد احدودب ظهره
وارتدى ذلك الزي الوطني الذي يكاد الآن ينقرض الى غير رجعة .
كان يلبس الزي الوطني وفوقه كانت العباءة الليبيه المعروفة تثقل كاهله
وكان فوق رأسه تلك الطاقيتان البيضاء والحمراء
وكان في حيرة من امره
فيما كان يشير بعكازه القديم لكل سيارة تمر امامه دون ان يتوقف احدهم.
كان من الطبيعي وانا في تلك السرعة ان اتركه ورائي بعيدا في غمضة عين.
لكنني وبرغم انني في عجلة من امري
وجدت نفسي اتوقف فجأة لأغير من اتجاه السيارة فأعود من حيث اتيت من الطريق
الأخرى ... وكذلك فعلت في نهاية الطريق لأعود بنفس الاتجاه الذي كان الشيخ العجوز واقفا به.
توقفت بسيارتي امامه فلم يدخر وقتا وقام بفتح الباب فيما هو يتمتم بعبارات الشكر والمديح .
وحين رأيته يتباطأ في ركوبه وقد اعاقه عكازه علاوة على ذلك فقد قمت بمساعدته وانا اردد بإلحاح (( بسرعة يا حاج))
فسالني علام انا مستعجل فقلت له : لدي ما انجزه من اعمال.
واخيرا جلس في كرسيه بينما لم يستطع إدخال عكازه..
فما ان لاحظت ذلك حتى بادرته مكررا(( بسرعة يا حاج))
واخيرا انطلقت بسيارتي مسرعا وسالته : اين تريد ؟
اين مكانك الذي تريد ان تنزل به.
فقال بصوت عاجز : سأنزل امام المكان الفلاني.
والمكان الفلاني الذي قال عنه كان ملاصقا لمقبرة المدينة.
فيما انا ازيد من سرعة السيارة كان هو يتمتم بعبارات الشكر والدعاء.
واخيرا توقفت امام المكان الذي يريده ..
وقمت دون ان اترك مكاني بفتح الباب له قائلا : تفضل يا حاج.
لكنه كان عاجزا في كيفية اخراج عكازه ومن ثم خروجه هو فقلت مكررا(( بسرعة يا حاج)).
وهنا حانت منه التفاتة نحوي
فنظرت في عينيه مترقبا ملامح الغضب فهالني ان اراه يبتسم في براءة لا مثيل لها
ثم اذا به يضع يده على كتفي برقة ويشير بعكازه ناحية المقبرة ويقول : اترى هؤلاء ؟
قلت ببلاهة : من هؤلاء؟ من تقصد ؟
كرر ثانية والابتسامة لا تفارق وجهه المتجعد : هؤلاء.
سألته متعجبا : أي هؤلاء؟
عندئذ قال وهو لا يزال يشير الى المكان بعكازه : هؤلاء الراقدون في قبورهم.
حينها انتابني الفزع فقد احسست بأن جملة ما سيلقيها على مسامعي كنصيحة وعبرة قد تكون قاسية لا تحتمل.
سألته مرتعبا : ما بهم ؟
اجاب مبتسما : هؤلاء يا بني جاءوا الى هذا المكان وهم في عجلة من امرهم كمثلك الآن.
نزل الشيخ العجوز واطبق الباب وراءه وابتعد عن المكان مترنحا في مشيته كما ثمل.
اما انا فظللت لبرهة فاغرا فاهي لا أعي ما يحدث.
وحين عدت لرشدي ادركت كم كنت في حاجة ماسة لمثل تلك العبرة..
فهناك من سأخبرهم بها ما بقيت حيا.
انتهت الحكاية
الخميس يونيو 17, 2010 4:06 pm من طرف عصفورة الجنة