وا إسلاماه المدير الإدارى للمنتدى
عدد المساهمات : 886 تاريخ التسجيل : 02/10/2009 نقاط : 7467
| | ستون سؤالا في الحج والعمرة | |
السؤال الأول: هل يجب الحج على المديون؟ الجواب: بسم الله، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فقد فرض الله الحج إلى بيته الحرام على من استطاع إلى البيت سبيلاً ولازم ذلك وجود الزاد، ومن كان مديونًاً فإنه لا يقدر لأنه محاط بالدين فإذا كان الدين يستغرق ماله فإنه لا يملك الزاد، وعلى هذا فلا يجب الحج على مديون استغرق الدين ماله أو كان عليه دين لا يستطيع وفاءه، واستثنى بعض العلماء أقساط الدين فقالوا: إذا كان الدين مقسطـًاً على أنجم وأدى آخر نجم وهو نجم ذي القعدة فلا حرج عليه أن يحج، والله تعالى أعلم. السؤال الثاني: متى يجب الحج على المرأة؟ الجواب: يجب الحج على المرأة إذا كانت قادرة على الحج بملك النفقة وكذلك إذا وجدت محرمًاً يحج معها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم» (رواه مسلم)، وفي الحديث الصحيح أن رجلاً قال: -يا رسول الله- إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا وإن امرأتي انطلقت حاجة وليس معها محرم؟ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «انطلق وحج مع امرأتك» (رواه مسلم)، فدل هذا على أن المرأة لا يجب عليها الحج إلا إذا كان معها ذو محرم يستطيع أن يحفظها في سفرها ويقوم عليها في شأنها، والله تعالى أعلم. السؤال الثالث: لو كان الرجل أو المرأة عاجزين عن الحج بأنفسهما للمرض ونحوه ولكنهما يستطيعان التوكيل بالمال فهل يجب عليهما أن يوكلا؟ الجواب: من كان عاجزًا عن الحج وعنده مال يستطيع أن يحجج به الغير فلا يخلو من حالتين: الحالة الأولى: إما أن يكون عجزه مؤقتـًاً. والحالة الثانية: وإما أن يكون عجزه مستديمًا. العجز المؤقت كالمرض الذي يتأقت بالشهور ويرجى زواله أو بالسنوات ويرجى زواله فهذا ينتظر إلى أن يكتب الله له الشفاء والعافية، يسقط عنه الحج حال العجز ويجب عليه بعد القدرة ثم يحج بعد شفائه وقوته وقدرته فلو حجج الغير في حال عجزه ثم بعد ذلك قدر فإن حج الغير لا يجزيه لأنه لا يصح منه التوكيل على هذا الوجه. والحالة الثانية: أما إذا كان عجزه مستديمًاً كإنسان عاجز لكبر أو معه مرض لا يمكن معه أن يقوم بالحج ولا أن يؤدي أركانه فإنه في هذه الحالة يُنتَقَل إلى القدرة بالمال فإذا قدر على أن يستأجر من يحج عنه وجب عليه أن يحجج عن نفسه سواء كان رجلاً أو كانت امرأة، والله تعالى أعلم. السؤال الرابع: إذا توفي الإنسان ولم يحج مع أنه كان قادرًاً على الحج في حياته فما الحكم وإذا قلنا بوجوب الحج عنه فهل يحرم من يحج عنه من ميقاته أو من ميقات الميت؟ الجواب: نسأل الله السلامة والعافية! من كان قادرًا على الحج ولم يحج فإنه آثم، كره الله انبعاثه فثبطه وقيل اقعدوا مع القاعدين، كره الله أن يراه في هذه الجموع المؤمنة ولو كان عبدًاً صالحًاً موفقـًاً لما تقاعس عن واجب الله جل وعلا وفريضته، فإن الله يبتلي الإنسان بماله ويبتليه بأهله وأولاده فيكره الخروج في طاعة الله وما فرض الله عليه فيجعل الله ماله شؤمًا عليه ويجعل ذريته وأولاده بلاءً عليه، وهذه هي فتنة الأموال والأولاد فمن فعل ذلك فقد أثم واعتدى حد الله تعالى بترك هذه الفريضة، فيجب على من استطاع الحج إلى بيت الله الحرام ولم يكن معذورًا أن يبادر بالحج وأن يقوم بفريضة الله جل وعلا عليه. أما بالنسبة لو مات ولم يحج فإنه آثم ثم يجب على ورثته أن يقوموا بالحج عنه يحججوا أو يخُرجوا من تركته ما يحج به عنه فإن وُجِد متبرع بدون مال فلا إشكال، وإن لم يوجد متبرع فإنهم يستأجرون من يقوم بهذا الحج على وجهه ويعتبر هذا من الديون التي تقضى قبل قسمة التركة فيؤخذ من ماله على قدر الحج عنه قبل أن تقسم التركة؛ لأن الله قال في قسمة المواريث: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11]، فلما قال: {أَوْ دَيْنٍ} أطلق وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم حق الله دَينًا، فقال للمرأة: «أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟» قالت: نعم قال: «فدين الله أحق أن يقضى». فمن مات وهوقادر على الحج ولم يحج فإنه يحج عنه من ماله ويخرج من ماله على قدر نفقة الحاج عنه. ثم السؤال لو أن الميت كان في المدينة ومن أراد أن يحج عنه بجدة فهل يكون إحرام الذي يريد أن يحج وهو الوكيل من ميقاته وهي جدة أو من ميقات من يقوم مقامه وهو الميت -أعني المدينة-؟ هذا فيه تفصيل: إن كان الميت قد قصر في الحج فقد وجب عليه الحج من ميقاته وعلى الوكيل أن يحرم من ميقات الميت، وبناءً على ذلك فلا بد وأن يحج عنه من ميقاته. أما في حجج النوافل والتي لا وجوب فيها فإنه يحج الوكيل من أي مكان، والله تعالى أعلم. السؤال الخامس: الاستئجار للحج عن الميت هل هو مشروع وما هي أنواعه وما هو الجائز منها وما الذي ينبغي توفره في الشخص الأجير وكيف تكون نيته؟ الجواب: أما بالنسبة للاستئجار للحج فالإجماع قائم كما حكاه الإمام ابن قدامة وابن رشد وابن المنذر رحمة الله عليهم جميعًا حكوا الإجماع على أن الاستئجار للمنافع المباحة شرعًا أنه مباح، وبناءً على ذلك فإن الحج عن الغير منفعة مباحة شرعًاً وليست من فرائض الأعيان التي لا يصح التوكيل فيها، فلما دخلت النيابة جاز أن يحج عنه بالإجارة، وهو قول جماهير العلماء رحمة الله عليهم. أما أنواع الإجارة عن الميت فعلى حالتين: الحالة الأولى: يسمونها إجارة البلاغ، وإجارة البلاغ أن تستأجر شخصًاً وتقول له أقوم بنفقتك حتى تبلغ الحج فتقوم بنفقة الركوب وبنفقة النـزول وبنفقة الطعام والشراب ونحو ذلك من اللباس والهدي الذي يجب إن كان متمتعًاً أو قارنًاً ولا تنفق عليه شيئـًاً زائدًاً على حاجته المحتاج إليها في حجه هذا النوع يسمونه (إجارة البلاغ) والإجماع قائم على مشروعيته عند من يقول بجواز الإجارة. أما الحالة الثانية: فهي إجارة المقاطعة وهي التي يسمونها على سنن الإجارة يكون فيها السوم يقول له حج عن ميتي بألف يقول لا بل بألفين لا بل بثلاثة ثم يتداولان حتى يثبتان على سعر معين إن كان قد حج عنه قال أريد ألفين أو ثلاثة، فإن زادت الألفان أخذ الزائد وإن نقصت وجب عليه أن يكمل الناقص ولا يجب على صاحب الميت أن يدفع له الناقص هذا النوع يسمونه (الإجارة على سنن الإجارة) وهي إجارة مقاطعة وفي النفس منها شيء وإن كان الأقوى والأشبه أنه تجوز إجارة البلاغ دون إجارة المقاطعة. يشترط في هذا الأجير طبعًاً أن يكون قد حج عن نفسه ولا يجوز أن يحج عن الغير إذا لم يحج عن نفسه لحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً وهو يطوف بالبيت يقول: لبيك عن شبرمة؟ قال: «ومن شبرمة» قال أخي أو ابن عمٍ لي مات ولم يحج قال: «حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة» (صححه الألباني في إرواء الغليل برقم: 994) والله تعالى أعلم. السؤال السادس: إذا حجت المرأة بدون محرم فما الحكم وهل يصح حجها أو لا يصح وما الدليل على ذلك؟ الجواب: إذا حجت المرأة بدون محرم فللعلماء قولان: القول الأول: جمهور العلماء أنها آثمة وحجها صحيح. والقول الثاني: ذهب طائفة من السلف إلى أنها آثمة وحجها فاسد لأن النهي يقتضي فساد المنهي عنه. والصحيح أن حجها صحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صلى صلاتنا هذه ووقف موقفنا هذا وكان قد أتى عرفات أي ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه وقضى تفثه» فجعل الأركان والشرائط معتبرة للحكم بصحة العبادة دون نظر إلى الإخلال، والله تعالى أعلم. السؤال السابع: إذا مات المحرم بالحج أو العمرة أثناء الحج والعمرة وكانت فريضة عليه فهل يلزمنا أن نقضي الحج والعمرة عنه وما الدليل؟ الجواب: للعلماء قولان في هذه المسألة منهم من يرى أنه لومات الحاج أو المعتمر أثناء حجه وعمرته لا يلزمنا إتمام ما شرع فيه ولا يقضى عنه ذلك الحج ولا تلك العمرة، وهذا هو المذهب الصحيح على ظاهر حديث عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع ووقف معه الصحابة فوقف رجل فوقصته دابته فمات فقال صلى الله عليه وسلم: «اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا وجهه ولا تغطوا رأسه ولا تمسوه بطيب فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًاً» (رواه البخاري) لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم اقضوا حجه أو أتموا حجه وهذا يدل على أن الواجب هو ما ذكر وأن ما زاد على ذلك فليس بواجب ولأنه قد قام بفرضه فأدى ما أوجب الله عليه وانتهت حياته عند هذا القدر، وعلى ذلك لا يجب أن يتم عنه ولا أن يحج عنه وإن حج عنه احتياطـًا فلا حرج، والله تعالى أعلم. السؤال الثامن: هل من حق الزوج أن يمنع زوجته من حج الفرض وعمرة الفرض إذا أرادت القيام بهما مع محرمها وإذا لم يكن من حقه ذلك فهل إذا منعها وخرجت مع محرمها تعتبر عاصية آثمة؟ الجواب: ليس من حق الزوج أن يمنع زوجته من حج الفريضة فهذا حق الله عز وجل الذي هو فوق الحقوق كلها، ولذلك يعتبر آثمًا شرعًا؛ لأنه أمر بالمنكر ونهى عن المعروف فليس من حقه أن يمنع الزوجة وليس له عليها سلطان في هذا؛ ولكن استثنى العلماء رحمة الله عليهم أن تكون تلك الحجة فيها مفسدة أو فتنة عظيمة لا يستطيع أن يحج معها ولا يوجد محرم يستطيع أن يحفظها من الفساد فهذه حالة مستثناه أما ما عدا ذلك فإنه لا يجوز له أن يمنعها وحينئذ إذا حجت مع محرمها فإنها مأجورة غير مأزورة وليس من حقه أن يمنعها من حق الله سبحانه، وفي الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»، والله تعالى أعلم. السؤال التاسع: إذا أراد الإنسان أن يحج أو يعتمر عن ميت أو عاجز عن الحج فهل يشترط أن يكون مثله ذكورة وأنوثة أو لا؟ الجواب: لا يشترط في الوكيل أن يكون مشابهًا لموكله ***ًاً فيحج الذكر عن الذكر أو الأنثى عن الأنثى فالكل يجزيء ويعتبر فيجوز حج الرجال عن النساء وحج النساء عن الرجال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أفتى الخثعمية بذلك وحينئذ لا حرج في حج ذكر عن أنثى والعكس والإجماع قائم على ذلك، والله تعالى أعلم. السؤال العاشر: إذا توفي الوالدان ولم يحجا ولم يعتمرا وأردت أن أحج عنهما وأعتمر فهل أبدأ بالوالد أو الوالدة وما الدليل؟ الجواب: تبدأ بالوالدة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عظم حقها فقال لما سأله الصحابي: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: «أمك» قال: ثم من؟ قال: «أمك» قال: ثم من؟ قال: «أمك» قال: ثم من؟ قال: «أبوك». قال العلماء: في هذا دليل على أن حق الأم آكد من حق الأب، حتى إن بعض العلماء قال: إذا تعارض بر الوالد والوالدة يقدم بر الوالدة على الوالد؛ وذلك لأن النص دل على أنها أحق بحسن الصحبة وهي أولى، وحينئذ تبدأ بأمك ثم بعد ذلك تثني بأبيك، والله تعالى أعلم.
مسائل الإحرام والتلبية السؤال الحادي عشر: ما هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الإحرام بالحج؟ الجواب: لما قدم عليه الصلاة والسلام على ذي الحليفة وكان قد توافد الناس على المدينة يقولون كيف يحج رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ كلهم يريد أن يأتسي به ويقتدي، فلما قدم على الميقات صلوات الله وسلامه عليه اغتسل وتجرد من المخيط، ثم بعد ذلك لبس رداءه وإزاره وقال للناس: «من أراد منكم أن يهل بعمرة فليهل ومن أراد أن يهل بحج فليهل ومن أراد أن يهل بحج و عمرة فليهل» (لعل الحديث: «من أراد منكم أنيهل بحج وعمرة ، فليفعل . ومن أراد أن يهل بحج ، فليهل ومن أراد أن يهلبعمرة ، فليهل» (رواه مسلم))، وكان الوحي قد نزل عليه قبل أن يصل إلى الميقات قبل أن يحرم في ميقاته كما في الصحيح من حديث عمر في البخاري أنه قال: «أتاني الليلة آتٍ من ربي فقال أهل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة» فاختار الله له من فوق سبع سموات أن يهل بالقرآن، ولذلك أهلَّ قارنـًاً صلوات الله وسلامه عليه استجابة لأمر ربه فيخير الإنسان بين هذه الأنساك فإذا أهلَّ بالعمرة وكان في أشهر الحج فهو تمتع وإذا أهلَّ بالحج فهو إفراد وإذا أهلَّ بهما معًاً فإنه يقول: لبيك حجة وعمرة ويعتبر قرانًاً قال أنس رضي الله عنه كنت تحت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم أسمعه يقول: «لبيك عمرة و حجة» (رواه ابن ماجه وصححه الالباني برقم: 2420) والله تعالى أعلم. السؤال الثاني عشر: متى يصح الإحرام بالحج وما الحكم لو وقع إحرامه بالحج قبل أشهر الحج كأن ينوي الحج في رمضان؟ الجواب: الحج له ميقات زماني أشار الله تعالى إليه بقوله: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] هذه الأشهر قمرية لا شمسية بإجماع العلماء رحمة الله عليهم ويبتدئ موسم الحج الزماني بثبوت عيد الفطر فإذا ثبت أن الليلة عيد الفطر فحينئذ تبتدئ هذه الشهور فأولها أول يوم من شوال وهو يوم عيد الفطر فلو أحرم ليلة عيد الفطر بالحج وقال: لبيك حجة، فإنه يصح وينعقد إحرامه وهكذا لو تمتع فيها، أما لو أحرم قبل ليلة العيد وهي مسألة مشهورة عند العلماء من أوقع الإحرام قبل أشهر الحج فللعلماء قولان: منهم من يقول: لا ينعقد حجه وهو مذهب الشافعية، والظاهرية رحمة الله على الجميع. ومنهم من يقول: ينعقد حجه وهو آثم إذا كان عالمًاً وهو مذهب الجمهور. والصحيح مذهب الشافعية، والظاهرية أنه لا يجوز الإحرام بالحج قبل أشهر الحج وأنه لا ينعقد إحرامه عن الحج؛ لأن الله تعالى يقول: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} ولا فائدة من هذا إلا تخصيص الحكم بها، ولأنه كما لا يصح إيقاع الظهر قبل زوال الشمس لا يصح إيقاع الحج قبل زمانه المعتبر فأزمنة العبادات مؤقتة لايصح إيقاعها قبل هذا الزمان المؤقت لأننا لو قلنا يصح لذهبت فائدة التخصيص بهذا الزمان، وعلى ذلك فإنه لا ينعقد إحرامه بالحج. لكن إذا قلنا بقول الشافعية، والظاهرية لا ينعقد إحرامه بالحج فما الحكم في هذه التلبية التي نواها بحجه؟ لهم قولان قال الظاهرية: تفسد تلبيته ويفسد إحرامه بالكلية فلا حج له ولا عمرة. قال الشافعية: ينقلب إحرامه من الحج إلى العمرة وهذا هو الصحيح؛ لأنه إذا بطل الحج ينفسخ إلى عمرة وقد فسخ النبي صلى الله عليه وسلم الحج إلى عمرة، ولذلك ينعقد إحرامه عمرة لا حجة، والله تعالى أعلم. السؤال الثالث عشر: إذا أحرم بالعمرة في آخر رمضان ثم أتمها في يوم العيد أو بعده ثم حج من عامه فهل يصير متمتعًا؟ الجواب: هذه مسألة خلافية في المتمتع لو أنك أردت أن تتمتع بعمرتك إلى الحج ونويت العمرة في آخر يوم من رمضان ومضيت وغابت شمس آخر يوم من رمضان فدخلت عليك ليلة العيد الفطر فاختلف العلماء. قال بعض العلماء: العبرة بالنية فإذا كانت نيته في ليلة عيد الفطر صحت عمرته تمتعًاً وإن كانت نيته قبل ليلة عيد الفطر فإن عمرته ليست بتمتع فلو حج من عامه ليس بمتمتع إلا أن يأتي بعمرة ثانية في أشهر الحج وهذا مذهب الظاهرية. القول الثاني: العبرة بالدخول إلى مكة وهو قول بعض السلف قالوا إذا دخلها قبل غروب الشمس من آخر يوم من رمضان فإنه حينئذ لا يعتبر متمتعًا وإن دخلها بعد الغروب فهو متمتع وهو قول عطاء ومن وافقه من السلف. القول الثالث: العبرة ببداية الطواف فإن ابتدأ طوافه قبل غروب شمس آخر يوم من رمضان فهو ليس بمتمتع وإن ابتدأه بعد الغروب فهو متمتع وهو مذهب الشافعية، والحنابلة. والقول الرابع: أن العبرة بأكثر الطواف فإن طاف أربعة أشواط قبل غروب الشمس فهو ليس بمتمتع وإن طاف الأربعة بعد غروب الشمس فإنه متمتع وهو للحنفية. القول الخامس والأخير: العبرة بالتحلل وهو للمالكية وأصح هذه الأقوال وأقواها أن العبرة بالطواف فإن ابتدأ طوافه قبل غروب الشمس وقعت عمرته لأن الطواف هو الركن فكأنه أوقع أركان العمرة في الأشهر المعتد بها فحينئذ يكون متمتعًاً وإن وقع قبل غروب الشمس فليس بمتمتع، والله تعالى أعلم. السؤال الرابع عشر: إذا نوى الإنسان الحج والعمرة ثم لما مضى في طريقه امتنع عن إتمامها أو قطعها بعد الشروع في الطواف أو أثنائه أو بعده وقبل تمام حجه وعمرته فما الحكم؟ الجواب: هذه المسألة يفعلها بعض الناس فيحرم بالعمرة ثم إذا رأى الازدحام نكص على عقبيه وامتنع من إتمام عمرته ولبس ثيابه ورجع إلى بيته وربما فعل ذلك بالحج -نسأل الله السلامة والعافية- وهذا لا شك أنه من التلاعب بحدود الله عز وجل والتضييع لحقوقه والواجب على من أحرم بالحج والعمرة أن يتمها؛ لأن الله تعالى يقول: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] قال العلماء: من رجع وقد أحرم بعمرته فهو محرم بعمرته إلى الأبد كونه يقول: لا أريد العمرة، كونه يقول فسخت العمرة لا تأثير له لابد لهذه العمرة من أن يتمها ولابد لهذا الحج أن يتمه إلا ما سمى الله في من أحصر وله حكمه الخاص. أما كونه يمتنع من عند نفسه فهذا لا يُجزيه ولا يُعتد بهذا الامتناع ويجب عليه أن يتم ما أمر الله بإتمامه من حجه وعمرته فيمضي ويتم فلو رجع وجامع أهله فسدت عمرته وفسد حجه ولزمه حينئذ أن يمضي في هذا الفاسد وأن يتم قضاءه على ظاهر الآية الكريمة وهو قضاء السلف الصالح أفتى به عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو الخليفة الراشد وسنته معتبرة ولم ينكر عليه من الصحابة، وبناءً على ذلك يتم عمرته الفاسدة ثم عليه القضاء من قابل ثم يفدي عن كل محظورٍ ارتكبه، فلما لبس ثيابه عليه الفدية ولما غطى رأسه عليه الفدية ولما تطيب عليه الفدية وكل محظور عليه فدية واحدة ولو تكرر، والله تعالى أعلم. السؤال الخامس عشر: من كان مريضًا وأراد أن يحرم بالحج والعمرة وهو شاكٌ في قدرته على الإتمام فما هي السنة في حقه وما الدليل؟ الجواب: السنة في حق المريض الذي يشك في قدرته على الحج أن يشترط؛ لأن ضباعة رضي الله عنها لما اشتكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية! فقال صلى الله عليه وسلم: «أهلي واشترطي أن محلي حيث حبستني» (رواه النسائي وصححه الألباني برقم: 2677) قال العلماء: في هذا دليل على أنه يشرع لك أن تشترط عند خوفك عن العجز عن إتمام حجك وهذا مما دلت عليه السنة، وكان الشافعي رحمه الله يقول: إن صح حديث ضباعة فأنا أقول به قال أصحابه وقد صح الحديث فهو مذهبه، والله تعالى أعلم. السؤال السادس عشر: من مر بالمواقيت وهو جاهل بمروره بها أو كان نائمًاً ثم استيقط بعد مجاوزتها فما الحكم؟ الجواب: من مر بالمواقيت وهو لا يدري بها وهو يريد الحج والعمرة أو كان نائمًا في طائرة أو سيارة، ثم نبه بعد مجاوزتها فلا يخلو من حالتين: الحالة الأولى: إن رجع وأحرم من الميقات سقط عنه الدم وحينئذ حجه وعمرته معتبرة ولا إشكال. والحالة الثانية: إن لم يرجع ولبى من مكانه ومضى فإن عليه دم الجبران، والله تعالى أعلم. السؤال السابع عشر: ما هي صفة التلبية وهل تشرع الزيادة عليها وهل هي واجبة ومتى يشرع قطعها في العمرة والحج؟ الجواب: أهلَّ النبي صلى الله عليه وسلم بالتوحيد لبيك اللهم لبيك لبيك لاشريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك هل تشرع الزيادة عليها أو لا تشرع؟ للعلماء قولان: جمهور العلماء على جواز الزيادة وقد جاء عن عبد الله بن عمر كما في الصحيح كان يقول: لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء إليك والعمل. قالوا فلا حرج، وجاء في حديث ابن ماجه: «لبيك حقـًا حقـًاً» وهو حديث أنس: «لبيك حقاً حقاً لبيك تعبداً ورقاً» وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمع الصحابة يزيدون في التلبية ويقولون: لبيك ذا المعارج، والمعارج هي: السماوات لأنه يعرج إليها فلما أقر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة على الزيادة دل على مشروعية الزيادة بالثناء على الله تعالى؛ ولكن الأفضل والأكمل والأعظم أجرًاً أن تقتصر على الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم مع كونه أقر الصحابة، فإنك إذا جئت بألفاظ فيها الثناء على الله والتمجيد له سبحانه فإن هذا يجوز ولكنه خلاف الأولى، والأولى والأفضل والأكمل الاقتصار على تلبيته بأبي وأمي صلوات الله وسلامه عليه، والقاعدة كما قرره العز بن عبد السلام في كتابه النفيس: (قواعد الأحكام): أن الوارد أفضل من غير الوارد. تطبيق هذه القاعدة إذا كان المجال أو الوقت أو الحال يسمح بأن يذكر الإنسان ربه بأذكار مختلفة وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر مخصوص فإن التقيد بالمخصوص أعظم أجرًا من غير المخصوص لأنك إذا تقيدت بالمخصوص أُجرت بأجرين أجر الذكر الذي تقوله، وأجر الائتساء والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ولو لم يكن في الائتساء به صلوات الله وسلامه عليه إلا أن صاحب السنة يرحم ويهدى ويوفق لكفى بذلك شرفـًا وفضلاً، نسأل الله العظيم أن يرزقنا التمسك بالسنة، والعمل بها، وتطبيقها. أما متى يقطع التلبية؟ فإن كان في العمرة فالصحيح أنه يقطع التلبية عند استلامه للحجر ففي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة الجعرانة لم يزل يلبي حتى استلم الحجر قالوا: فدل هذا على مشروعية التلبية عند استلام الحجر يختاره بعض السلف وهو مأثور عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا قدم من المدنية يقطع التلبية في الحرار أي حرار مكة أي: قبل أن يدخل المسجد وهذا قول بعض السلف. وإن كان الأقوى والأشبه أن يقطعهما في العمرة عند استلامه للحجر، ولا يلبي في عمرته في طوافه ولا في سعيه بين الصفا والمروة ولا بينهما. وأما في الحج فللعلماء أقوال: أصحها أنه يقطع التلبية عند آخر حصاة يرمي بها جمرة العقبة يقول به طائفة من السلف منهم إسحاق بن راهويه، ورواية عن الإمام أحمد، وطائفة من أهل الحديث رحمة الله عليهم لحديث بن خزيمة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى رمى آخر حصاة من جمرة العقبة. وقال المالكية: يقطعها إذا غدا إلى الصلاة يوم عرفة وهذا مذهب مرجوح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت أنه لبى ليلة النحر فإن ابن مسعود لبى بمزدلفة فأنكر الناس عليه فقال: سمعت الذي أنزلت عليه البقرة يقول هنا: «لبيك اللهم لبيك» فدل على مشروعيتها وأنها تقع، والله تعالى أعلم. السؤال الثامن عشر: من أين يحرم أهل مكة بالعمرة والحج مع ذكر الدليل؟ الجواب: أهل مكة يحرمون بالحج من ديارهم ولا يلزمهم أن يذهبوا إلى البيت كما يقوله البعض. والصحيح أنه يلزمهم أن يحرموا من ديارهم فدويرة أهليهم هي التي تعتبر ميقاتـًاً لهم قال حتى أهل مكة يهلون من مكة. أما في العمرة فيلزمهم الخروج إلى التنعيم؛ وذلك لحديث أم المؤمنين عائشة وهذا الحديث وهو مذهب جماهير العلماء والسلف والخلف أن العمرة للمكي أن يخرج إلى الحل، ولذلك قالت عائشة: "والله ما ذكر التنعيم ولا غيره" أي أنه أمرها أن تخرج إلى الحل فاجتهدت فخرجت إلى التنعيم وكان أرفق بها رضي الله عنها كما في الرواية الصحيحة عنها. أما الدليل على أنه يحرم من أدنى الحل: فلأن عائشة مكية أي أنها أخذت حكم أهل مكة إذ لو كانت غير مكية للزمها أن تحرم من ميقات المدينة والدليل على أنها مكية أنها أنشأت عمرتها بعد الحج ولما أنشأت عمرتها بعد الحج فقد أنشأتها وهي في مكة وهذا نص واضح جداً ويقول به جمهور العلماء من السلف الصالح والأئمة الأربعة على أن ميقات المكي هو خارج الحل. وهناك قول ضعيف أن ميقات المكي للحج والعمرة من بيته ولكنه مرجوح وظاهر السنة أنه يحرم من أدنى الحل، والله تعالى أعلم. السؤال التاسع عشر: هل يشرع تكرار العمرة في السنة الواحدة؟ وما الدليل؟ الجواب: تكرار العمرة في السنة واحدة اختلف السلف الصالح رحمة الله عليهم فيه فقال الجمهور: يجوز تكرار العمرة ولا حرج في ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «العمرة إلى العمرة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن ما اجتنبت الكبائر» فدل على فضيلة العمرة للاعتمار والإكثار منها لأنه لم يقيد وفي حديث الترمذي: «تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر كما ينفي النار خبث الحديد» قالوا: فهذا يدل على فضيلة التكرار. ومن ألطف الأدلة وأعجبها في الاستنباط قول بعض العلماء مما يدل على جواز تكرار العمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي قباء كل سبت، وقباء لا يؤتى إلا من أجل أن الصلاة فيه بعمرة قالوا: فدل على مشروعية التكرار لأنه قصد فضيلة العمرة فإذا كانت فضيلة العمرة بالبدل مقصودة ومطلوبة فلأن تشرع بالأصل من باب أولى وأحرى، ولا دليل للمالكية على كراهية تكرار العمرة، والله تعالى أعلم. السؤال العشرون: ما الذي يحظر على المحرم من الملابس وهل يجوز لبس الإحرامات المفصلة وهل يشرع وضع المشابك والحزامات ونحوها في الإزار والرداء؟ الجواب: أما ما يحرم على المحرم فقد بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في حديث ابن عمر في الصحيحين: «لا تلبسوا القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف» (رواه مسلم) الأربع الأول من كمال بلاغته وحسن إيجازه صلوت الله وسلامه عليه فإن الملبوس إما أن يغطي أعلى البدن الرأس كالعمامة، وإما أن يغطي الصدر كالقميص، وإما أن يغطي الأسفل كالسروال فقال: «لا تلبسوا القمص ولا العمائم ولا السراويلات» وإما أن يكون جامعًا لغطاء جميع البدن كالبرانس «ولا البرانس» فهذا من بديع كلامه صلوات الله وسلامه عليه وهذا يدل على أن كلمات الشرع في الكتاب والسنة قصدت وأنها تتضمن المعاني، ولذلك كأنه منع من تغطية أعلى البدن، وكذلك أوسطه، وأسفله، وجمع في الغطاء بين الجميع فلا يجوز للمحرم أن يغطي رأسه بعمامة أو طاقية قالوا وكذلك لو حمل المتاع على رأسه قالوا لأنه في حكم التغطية فالتغطية تكون حقيقة، وتكون حكمًاً فذلك إذا حمل المتاع يبينه عن رأسه ما يجعله متصلاً بالرأس؛ لأنه إذا اتصل بالرأس صار مغطيًا. والدليل على ذلك: أنه لو قال قائل: أنه ليس بمغطي حقيقة فسألته عن الرجل قال: والله لا أغطي رأسي ثم وضع على رأسه الكرتون أو نحو ذلك قالوا إنه يعتبر حانثـًا من هذا الوجه. وقال بعضهم: لا أعتبره حانثـًا؛ لأن الغطاء في الأيمان ينصرف إلى العرف فالكرتون ليس بغطاء في العرف هذا قول بعض العلماءرحمة الله عليهم لكن الصحيح والأولى، والمنبغي للإنسان أن يبينه من الرأس؛ لأن الشبهة موجودة وقد لامس الرأس وغطاه، كذلك -أيضًا- لا يغطي أوسط البدن كالصدر بلبس الكوت أو الفنيلة أو نحو ذلك هذا كله محظور على المحرم لا يجوز له لبسه وهكذا لو كان مفصلاً على أجزاء البدن كاليدين فإن المخيط لا يشترط فيه الخيط فليس مراد العلماء بالمخيط أن يكون مخيطـًا؛ إنما مرادهم أن يكون محيطـًا بالعضو كالعمامة فإن العمامة تحيط العضو، وكذلك لو أخذ القماش ولفه على العضو كالإحاطة المفصلة فإنه يعتبر في هذه الحال في حكم المحظور، وبناءً على ذلك يتقي هذه الملبوسات كلها، والله تعالى أعلم. السؤال الثاني والعشرون: هل يجوز استخدام الصابون الم?يب للمحرم وكذلك الشامبو إذا كانت فيه رائحة عطرية؟ الجواب: الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر: «ولا تلبسوا من الثياب شيئـًا مسه الزعفران ولا الورس» (رواه البخاري) وفي الصحيح من حديث صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه- في الرجل الذي لقي النبي صلى الله عليه وسلم بالجعرانة وهو قد لبس عليه جبة عليها أثر الصفرة قال: ما ترى في رجل أحرم بالعمرة وعليه ما ترى؟ قال: «انزع عنك جبتك واغسل عنك أثر الطيب واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك» فلما قال له: «اغسل عنك أثر الطيب» دل على أن المحرم لا يتطيب ولا يستصحب الطيب، وفي الصحيح من حديث ابن عباس في الرجل الذي وقصته دابته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه.. إلى أن قال: ولا تمسوه بطيب» فدل على أنه لا يجوز أن يباشر المحرم الطيب لا في ثوب ولا بدن، وبناءً على ذلك فإن الصابون المطيب يتقى في حال الإحرام بالحج والعمرة، وهكذا الشامبو، ونحو ذلك من الأدهان المطيبة فإنه لا يجوز له أن يستعملها لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الطيب للمحرم، والله تعالى أعلم. السؤال الثالث والعشرون: هل يجوز استلام الحجر من المحرم إذا رأى عليه أثر الطيب؟ الجواب: إذا كان على الحجر أو على الركن طيب فلا يمسه المحرم وذلك لأن تقبيل الحجر واستلامه سنة والمنع من الطيب يعتبر في مقام المنهيات، ومقام المنهيات مقدم على الواجبات فضلاً عن السنن و المندوبات، وبناءً على ذلك لا يتأتى أن يصيب السنة ويخل بما يجب عليه تركه وعليه فإنه يتقي استلام الحجر ويكتب الله له أجر الاستلام بوجود العذر الشرعي والقاعدة: "أن العذر الشرعي كالعذر الحسي"، وبناءً على ذلك ينال أجره لوجود العذر، والله تعالى أعلم. السؤال الرابع والعشرون: هل يجوز للمحرم إذا أراد النوم أن يغطي رأسه وقدميه؟ وما الحكم إذا رأيت المحرم قد غطى رأسه وهو نائم؟ الجواب: أما بالنسبة للمحرم فإنه لا يغطي رأسه والنص في ذلك صريح في حديث العمائم حديث ابن عمر في الصحيحين، وكذلك لا يغطي قدميه للنهي عن الخفاف وبعض العلماء يقول: القدمان متسامح فيهما أكثر من الرأس والوجه فيقولون إن القدمين إنما يمتنع عليه لبس الخفاف، أما كون يسترها فلا حرج عليه ولكن لا يخلو هذا القول الثاني من النظر. بناءً على ذلك فإنه لا يشرع له أن يغطي لكن المشكلة لو مررت على محرم نائم وقد غطى رأسه وغطى قدميه فهل يشرع لك أن توقظه أو تزيل ما عليه من غطاء الرأس هذه المسألة ذكرها الأصوليون وهي هل المكلف مكلف بغير المكلف؟ هو نائم ومعذور أثناء نومه، ومن أمثلتها لو أذن المؤذن فإنه إذا لم يسمع النداء والأذان غير مكلف ولا يأثم لكن هل أنت آثم بعدم إيقاظك له فبعض العلماء يقولون: المكلف مكلف بغير المكلف ويلزم بإثم غير المكلف إن قصر في أمره بما كلف به. وأكدوا ذلك بحديث الأمر للولدان والصبيان لسبع فإنهم غير مكلفين فكلف المكلف بغير المكلف فدل على أنه يعتبر مكلفـًاً من هذا الوجه، وبناءً على ذلك قالوا: إذا رأيته نائمًاً فإنك تزيل الغطاء عن رأسه وعن وجهه على القول بأنه لا يشرع له تخمير الوجه وهكذا بالنسبة للقدمين وهذا أولى وأحرى، وإن كان نائمًا وخشيت إزعاجه فإنك تزيلها برفق؛ لأن المقصود يتحقق بذلك، والله تعالى أعلم. السؤال الخامس والعشرون: هل يجوز أكل الطعام المطيب بالورد والزعفران؟ الجواب: أكل الطيب منع منه جمهور العلماء رحمة الله عليهم في الإحرام لوجود الترفه وقصد الشرع من المحرم أن لا يترفه فإن مقصود الإحرام أن يذكره بالآخرة بعيداً عن ترفهه وفضوله الذي كان فيه من محاسن الدنيا ومتاعها، وقد نص الجماهير على أنه لا يأكل الطيب إذا كان من المطعومات التي يقصد بها تطييب الأطعمة أما لو كان غير مقصود بأن وجد في أصل المادة مثلاً كالهيل في القهوة ونحو ذلك فهذا طيبه تبعي لا مقصود؛ لكن الزعفران مقصود فإنه يوضع في الطعام من أجل تطييب رائحته، وكذلك الورد يوضع في الماء من أجل تطييب رائحته؛ ولكن القهوة من حيث هي لو صنعت في الهيل فالهيل فيه الرائحة الزكية والطيبة لكنه لا يعتبر من الطيب المحظور ففرقوا بين المقصود وبين التبع فقالوا في هذه الحالة ما كان مقصودًاً كالزعفران والورد فإنه على حالتين: الحالة الأولى: إن وضعته في مطعوم أو مشروب. إن وضعته في المطعوم والمشروب وغلى بمعنى كان تحته نار وأصابته النار قالوا يجوز لك أن تأكله ولو كنت محرمًا بالحج والعمرة وهذا مذهب الجمهور لكن في فرق بين المالكية، والشافعية حيث قالوا: مجرد الإصابة بالنار تجيز لك الأكل حتى لو بقيت رائحة الطيب، والشافعية، والحنابلة يشترطون استنفاذ الرائحة وذهابها بعد بالطبخ فيفرقون بين مذهبهم لكن بالنسبة للجميع يقولون في الإدخال ذات الإدخال يعتبرونه إذا أدخلت إلى النار مؤثرة فإن استنفذت أجازت عند الجميع وإن لم تستنفذ يقع الخلاف بين المذهبين اللذين ذكرناهما، وعلى هذا فإنه يتقي المطعومات التي تطيب ويقصد الطيب فيها، والله تعالى أعلم. السؤال السادس والعشرون: إذا وضع المحرم الطيب ناسيًاً ثم تذكر أو غطى رأسه ناسيًاً ثم تذكر فما الحكم؟ الجواب: هذه المحظورات التي يمكن تداركها الطيب والتغطية بخلاف المحظورات التي لا يمكن تداركها فالعلماء يقسمون المحظورات إلى قسمين في الحج والعمرة: القسم الأول: ما يمكن التدارك فيه عند الإخلال بالنسيان ونحو ذلك. القسم الثاني: وما لا يمكن التدارك فيه. الذي يمكن التدارك فيه كالطيب تغسله وكتغطية الرأس تزيل الغطاء فيرجع الأمر إلى حالته وتتدارك؛ لكن الذي لا يمكن تداركه كتقليم الأظفار وحلق الشعر فإن هذا محظور ولو أن إنسانـًا حلق شعره لا يمكنه أن يرد هذا المحظور ولا يمكنه أن يتدارك، وكالجماع فإنه إذا جامع لا يمكن أن يتدارك اللذة ويعيدها، وهكذا بالنسبة لتقليم الأظفار إذا زال ظفره ففرقوا بين ما يكن التدارك فيه وما لا يمكن فما يمكن التدارك فيه كتغطية رأس وطيب كما ورد في السؤال فإنه لا حرج عليه في ساعته يغسل وفي ساعته يزيل ولا إثم عليه، والله تعالى أعلم. السؤال السابع والعشرون: قال الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197]. والسؤال ما معنى قوله سبحانه: {فَلاَ رَفَثَ} وقوله: {وَلاَ فُسُوقَ} وقوله: {وَلاَ جِدَالَ} وهل يدخل في ذلك البيع والشراء والمراجعة فيهما؟ الجواب: أما الرفث فهو الكلام الذي يكون عند النساء للإثارة والغزل، وكذلك الأفعال التي يقصد منها الإثارة بعين ونحو ذلك هذا الذي ذكره أئمة السلف، وفرق بعضهم كما هو مذهب ابن عباس رضي الله عنهما فأجاز أن يتكلم بأبيات الشعر الغزلية ونحوها إذا لم يكن عنده نساء وجعل الرفث خاصًاً بما كان يقصد منه إثارة النساء فكان يأتي بأشنع الأبيات في غزل العرب وهو محرم بالحج والعمرة وينكر عليه رضي الله عنه وأرضاه فيقول إنما الرفث عند النساء أي إذا كان هذا عند النساء، وإن كان الأولى والأفضل أن يتقى لأن النهي ورد بصيغة تدل على الإطلاق هذا بالنسبة للرفث أنه ما يكون للإثارة من مقدمات الجماع سواء كان من الأقوال، ومما يحث على الجماع حتى قال بعض العلماء: من الرفث لو قال لامرأته إذا تحللتِ أصبتك قالوا: إن هذا يعتبر من الرفث والمشكلة أنه إذا رفث حرم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه» (رواه البخاري) قد تحجبه كلمة واحدة يقولها من الغزل لنسائه فيحرمه الله تعالى من هذا الفضل العظيم نسأل الله السلامة والعافية. {وَلاَ فُسُوقَ}: الفسوق: أصل من قول العرب، فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها، وهذا الحرف لا تعرفه العرب في إطلاقه على المعاصي ما كان يسمون المعاصي فسقـًا كما قرره غير واحد، وأشار إليه الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره؛ ولكنه أدخل اصطلاحًاً شرعيًاً، فالفسوق يصطلح في الشرع بثلاث معانٍ: إما أن يقصد به مطلق العصيان لله تعالى فيشمل جميع المعاصي صغيرها وكبيرها، وإما أن يقصد به كبائر الذنوب، وإما أن يُقصد به كبائر الذنوب المخرجة من الملة. أما إطلاق الفسوق على المعاصي صغيرها وكبيرها فهو قول طائفة السلف في هذه الآية يحكى عن بعض تلامذة ابن عباس رضي الله عنهما، كعطاء وغيره أن الفسوق المعاصي كلها، ويحكى حتى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الفسوق: هي المعاصي كلها فيشمل الصغائر والكبائر فمن أساء إلى أخيه ولو بصغيرة فإنه يعتبر خارجًا من هذا الفضل في قوله: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق» (سبق تخريجه). وأما الحال الثانية: أن يطلق الفسوق بمعنى كبائر الذنوب وهذا في آية الحجرات: {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} [الحجرات: 7]، فأشار أن للذنوب ثلاث مراتب العصيان للصغائر والفسوق للكبائر والكفر للمخرج من الملة. وقد يطلق الفسق بمعنى الكفر كقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47]، فقالوا: إن الفسق هنا بمعنى الكفر-والعياذ بالله- إذا استحل ذلك واعتقد حله فيطلق الفسق بهذه الثلاثة المعاني: إما أن يراد به عموم الذنوب؛ لأن قول العرب فسقت الرطبة بمعنى خرجت من قشرها، قالوا: فالعاصي لله خارج عن أمره ونهيه قالوا فيوصف بكونه فاسقـًا من هذا الوجه، وإما أن يراد به كبائر الذنوب، وإما أن يراد به المخرج من الملة، والمراد هنا عموم الذنوب صغيرها وكبيرها أي يجب وينبغي على الحاج أن لا يصيب صغائر الذنوب وكبائرها ويتقي ذلك. وأما قوله: {وَلاَ جِدَالَ} الجدال: إما أن يكون على وجه مشروع، وإما أن يكون على قصد ووجه ممنوع فالوجه المشروع الذي يكون بالتي هي أحسن؛ لأن الله وصف المجادلة بالتي هي أحسن فأمرنا بمجادلة أهل الكتاب: {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت: 46]، فوصف الجدال بالتي هي أح?ن فما كان من الجدال بالتي هي أحسن كطالب علم تناقشه في مسألة تريد الوصول فيها إلى الحق بنفس زكية طيبة مطمئنة وأسلوب هادف وهو كذلك يبادلك الشعور فهذا لا حرج فيه. وإما أن يكون بأسلوب ممنوع وهذا الذي فسر به طائفة من السلف وهو أن يجادل الغير من أجل أن يحنقه وأن يغيظه وأن يجعله يخرج عن طوره، ولربما إلى درجة الغضب والضيق قالوا هذا هو الممنوع: {وَلاَ جِدَالَ} أي: ما أوصل إلى هذا الحد الممنوع، وأما إذا كان بالمشروع فلا حرج وكان بعض السلف يكره الجدال حتى في البيع والشراء قالوا إذا أراد الإنسان أن يشتري لا يجادل يحرص قدر المستطاع على أن لا يجادل إلا في أحوال مستثناة كأن يظلم في حقه فهذا مستثنى أن يقول بالمعروف، والله تعالى أعلم.
مسائل الطواف والسعي بين الصفا والمروة السؤال الثامن والعشرون: هل طواف القدوم واجب على المفرد للحج وما الدليل؟ الجواب: طواف القدوم ليس بواجب على المفرد بالحج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من وقف موقفنا هذا وصلى صلاتنا هذه وكان قد أتى عرفات أي ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه» قالوا: فهذا يدل على أن المفرد لايجب عليه طواف القدوم، والله تعالى أعلم. 5 - من شهد صلاتنا هذه، و وقف معنا، حتى ندفع، و قد وقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه، و قضى تفثه الراوي: عروة بن مضرس الطائي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6321 خلاصة حكم المحدث: صحيح السؤال التاسع والعشرون: هل يجب على من ابتدأ الطواف أن يستلم الحجر أو لا؟ الجواب: لا يجب عليه أن يستلم الحجر وإنما يشير إليه إن عجز وإنما هو سنة وليس بواجب، والله تعالى أعلم. السؤال الثلاثون: ما هو هديه عليه الصلاة والسلام في الرمل وفي أي طواف يكون؟ وهل يشرع للنساء الرمل في الطواف والسعي ولماذا؟ الجواب: أما بالنسبة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في الرمل فإنه كان أصله في عمرة القضية أنهم قالوا قدم عليكم أهل يثرب قد وهنتهم الحمى فنـزل جبريل بالوحي على النبي صلى الله عليه وسلم فقال لأصحابه: «رحم الله امرءً أراه من نفسه جلدًاً» فلما ابتدأ الطواف اضطبع صلوات الله وسلامه عليه ثم هرول الأشواط الثلاثة فقالت قريش: إنهم ينقزون نقز الظبى وهذا إشارة إلى أنهم على جلد وقوة حيث لم يرضوا بأن يسيروا حتى هرولوا، ثم كان عليه الصلاة والسلام يمشي بين الركنين، ثم لما كانت عمرة الجعرانة رمل عليه الصلاة والسلام ولم يمشِ بين الركنين وإنما رملها الثلاث كاملة، وبناءً على ذلك قالوا من السنة أن يكون الرمل كاملاً وكان في أول التشريع يمشي بين الركنين؛ لأنهم كانوا على ناحية أبي قبيس لايرونه صلوات الله وسلامه عليه فيتوارى بالبيت فإذا خرج عليهم خرج مهرولاً، والرمل يقولون تقارب الخطى مع هز المناكب، قال عمر بن الخطاب فيما الرملان وهز المناكب وقد أطلع الله للإسلام ولكن لا ندع شيئًاً فعله رسول صلى الله عليه وسلم فهذه هي المشية المعتبرة ولا تكن بالجري؛ وإنما هو ضرب دون اشتداد السعي وفوق المشي المعتاد وهو ما يسمونه بالهرولة الثلاث الأشواط الأول، وأما بقيتها فقد مشى صلوات الله وسلامه عليه وذلك في طواف القدوم يكون في طواف العمرة ويكون كذلك في طواف القدوم بالنسبة للمفرد، وكذلك في طواف المتمتع وفي طواف القارن إذا طاف قبل يوم عرفة. أما بالنسبة للنساء فلا رمل عليهن قال عبد الله بن عمر: ليس على النساء رمل؛ والسبب في ذلك أن المرأة إذا رملت تكشفت ولذلك يمنع النساء من الرمل لا يرملن لا في الطواف بالبيت ولا في السعي بين الصفا والمروة، والله تعالى أعلم. السؤال الواحد والثلاثون: هل يصح الطواف بغير وضوء وهل يجزيء طواف الحائض والنفساء؟ الجواب: الصحيح أنه لايصح الطواف بدون وضوء لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الطواف بالبيت صلاة»، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لايقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ»، ومن الأدلة التي تقوي أن الطواف تشترط له الطهارة حديث أم المؤمنين عائشة في الصحيح لما نفست قال عليه الصلاة والسلام: «اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت» فهذا يدل على أنه تشترط له الطهارة، ويقوي ذلك أن الطواف تشرع له الركعتان، ولذلك لا يستقيم أن يطوف بالبيت ثم يذهب ويتوضأ من أجل أن يصلي ركعتي الطواف بل قال بعض العلماء: لو فصل بين طوافه وبين الركعتين يقولون: إنه إذا كان فاصل مؤثر يستأنف وإن كان الصحيح أنه لا يستأنف، لكن لا يستقيم أن الإنسان يطوف ثم بعد ذلك يؤخر ركعتي الطواف على هذا الوجه على خلاف الوجه المعتبر بالسنة، وبناءً على ذلك يقوى القول باشتراط الطهارة للطواف ولا يصح الطواف إلا بطهارة. وخالف الحنفية وقالوا قصد الشرع أن تطوف بالبيت بغض النظر عن كونك متوضئاً أو غير متوضيء لأنهم نظروا من جهة الرأي إلى المعنى، وهذا لا شك أنه اجتهاد أقوى منه حديث ابن عباس فإن حديث ابن عباس أقل ما قيل إنه موقوف على ابن عباس والموقوف على ابن عباس | |
|
الخميس أكتوبر 10, 2013 12:01 am من طرف وا إسلاماه