إلا صلاتي عضو مرشح للإشراف
عدد المساهمات : 945 تاريخ التسجيل : 06/06/2009 نقاط : 7207
| | التعليم عن بعد والتعليم المفتوح | |
التعليم عن بعد والتعليم المفتوح رغم ظهور الجامعة البريطانية المفتوحة إلى حيز الوجود نهاية الستينيات من القرن العشرين الميلادي، ورغم وجود جامعة الهواء في اليابان قبل ذلك التاريخ، إلا أن مصطلح التعليم عن بعد لم يعرف بشكل رسمي إلا حديثًا، وبالتحديد عام 1982م عندما حاولت هيئة اليونسكو تغيير اسم الهيئة العلمية للتربية بالمراسلة ICCE إلى اسم جديد هو الهيئة العالمية للتعليم عن بعد ICCDE. وباستعراض كافة التعاريف العلمية للتعليم عن بعد والتعليم المفتوح – إن أمكن ذلك - نلاحظ أنها تدور حول عدة خصائص رئيسية للتعليم العالي عن بعد والتعليم الجامعي المفتوح، وهذه الخصائص هي التالية(1): ـ انفصال المعلم عن المتعلم وهذا ما يميزه عن التعليم وجهًا لوجه. ـ استخدام الوسائط التقنية عادة، مثل: المطبوعات، وأقراص الـCD، وأشرطة الفيديو، وغيرها من الوسائط المتعددة التي تضمن إيصال المادة التعليمية إلى كافة المتعلمين. ـ التزويد بنظام اتصال ثنائي الاتجاه يستفيد منه الطلاب لإتمام العمليات الحوارية مع المعلمين ومع إدارة الجامعة وبين الطلاب بعضهم مع بعض. ـ وجود تأثير واضح للمنظمة التعليمة على الطلاب مما يميز هذا النمط من التعليم عن الدراسة الخاصة التي لا ترتبط بتنظيم تعليمي. ـ توافق الأغراض التعليمية والأغراض الاجتماعية. ـ أنه تعليم جماهيري لا يتقيد بوقت ولا بفئة من المتعلمين ولا يقتصر على مستوى أو نوع من التعليم. - أنه تعليم ذاتي بشكل واضح وجلي، وبالتالي فهو يعتد كثيرًا بالمتعلم والعملية التعليمية الذاتية. التعليم المفتوح وعن بعد.. هل ثمة فرق؟ يتكرر كثيرًا سؤال مفاده: هل هناك فروق أو علاقة بين التعليم العالي عن بعد والتعليم الجامعي المفتوح، أم أنهما شيء واحد؟ والسؤال قد يطال الفروق والعلاقات بين مجموعة من المفاهيم المتداخلة ذات العلاقة بهذا المجال، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: التعليم الإلكتروني Electronic Education، والتعليم على الخط Online Education، والتعليم الافتراضي Virtual Education، والتعلم المستمر Continuous Learning، والتعلم مدى الحياة Long Life Learning والتعليم الرقمي Digital Education، والمعرفة المشتركة Shared Knowledge، والتعليم المبني على شبكة الإنترنت Internet Based Education، ومجتمعات التعلم Learning Communities، وشبكات التعلم Learning Networks... إلخ. ومن وجهة نظر هذه المقالة فإن التعليم عن بعد اتجاه تعليمي تنطوي تحته كل الصيغ المذكورة آنفًا من صيغ التعليم والتعلم، بمعنى أن التعليم عن بعد اتجاه عام في التعليم، أما المفتوح والافتراضي والإلكتروني والرقمي وشبكات التعلم وغيرها فما هي إلا صيغ وأنماط للتعليم عن بعد. لكن مسألة المفاهيم تأخذ منحى آخر أكثر شمولية وتعقيدًا وجدلًا في نفس الوقت، وهو هل ما نحن بصدده تعليم عن بعد Distance Education أم أنه تعلّم عن بعد Distance Learning؟ فلكل من هذين المفهومين أنصاره ومؤيدوه، فوجهة النظر التي ترى أنه تعليم Education تستند إلى أنه عملية مقصودة ومخططة من قبل جهة تعليمية، وبذلك فهو تعليم ما دام أنه أمر مقصود ومخطط ومصمم. أما وجهة النظر التي ترى أنه تعلّم Learning فتحفل كثيرًا بالدور الكبير للمتعلم وفق هذا النمط التعلمي التعليمي. ومن وجهة نظر هذه المقالة فما نحن بصدده هو تعليم عن بعد يرتكز كثيرًا عل التعلم الذاتي للمتعلم، فالتعليم عن بعد اتجاه تعليمي يقوم على عدة أركان ومقوّمات أهمها التعلم الذاتي. ولدواعي الاختصار والابتعاد عن المتاهات المفاهيمية والاصطلاحية، يمكننا القول في هذا الخصوص إن فك الارتباط بالزمان والمكان (=التعليم عن بعد) وانفتاح الفرص أمام كافة الأفراد للحصول على الفرص التعليمية (=التعليم المفتوح) مفهومان يرتكزان على بعضهما البعض ويرتبطان بعلاقة عضوية وثيقة، إضافة إلى ما أشرنا إليه سابقًا من أن التعليم المفتوح صيغة تعليمية من الصيغ المنضوية في اتجاه التعليم عن بعد. فالتعليم عن بعد وسيلة للتعليم تقوم على وجود المسافة الفاصلة بين المعلم والمتعلم وعدم التزامن في التعليم والتعلم، وبالتالي فك الارتباط بالزمان والمكان فيما يتعلق بالعملية التعليمية. من جهة ثانية فإن التعليم المفتوح يعني تعليمًا يتيح الفرصة لجميع الأفراد للحصول على الخدمة التعليمية، بغض النظر عن أعمارهم أو ***هم أو ظروفهم العملية والاجتماعية ومؤهلاتهم السابقة من حيث حداثتها وقدمها...إلخ. وبالتالي إذا أردنا أن نوثّق العلاقة بين المفهومين، يمكننا اعتبار التعليم العالي عن بعد طريقة وأسلوبًا لانفتاح التعليم العالي وتمكين كافة الأفراد والشرائح الاجتماعية من الوصول إليه، وفي المقابل فإن انفتاح التعليم العالي يقتضي أن يكون التعليم العالي تعليمًا عن بعد. ومن الواضح أنه إذا ألزمنا التعليم المفتوح بضرورة وجود الطالب في الجامعة ومقابلة الأستاذ وجهًا لوجه، فإنه يمكننا الحكم في هذه الحالة بأن التعليم المفتوح لم يعد مفتوحًا، إذ يظهر الإخلال بأهم مميزاته وخصائصه، وهي ميزة الإتاحة وزيادة فرص التعلم. بهذا يمكن الوصول إلى خلاصة فحواها أن التعليم المفتوح لا يكون مفتوحًا إلا إذا كان تعليمًا عن بعد بشكل كلي أو في معظمه على أقل تقدير، كما أن تقديم التعليم العالي عن بعد يجعله مصطبغًا بصبغة الانفتاحية إلى حد كبير. ما جدواه؟ وما مبرراته؟ خلصت العديد من الدراسات على المستوى الدولي إلى أن التعليم عن بعد، يمثّل نمطًا مربحًا أو اقتصاديًا a cost-effective mode لتعميم وتوزيع التعليم، فهو يزيد من فرص التحاق الدارسين به من الطلاب غير التقليديين، كالبالغين من كبار السن أو المرتبطين بالعمل أو ذوي المسؤوليات الأسرية، هذا بالإضافة إلى أن التعليم عن بعد يمتاز بقدر كبير من المرونة، كما أنه يتيح الفرص التالية (2): ـ الملاءمة Convenience، فهو يسمح للطلاب بالدراسة وفقًا لما يتيحه لهم جدولهم اليومي الشخصي وظروف حياتهم. ـ تحسين فرص التعلّم Improved learning opportunities، إذ إن الطلاب في التعليم عن بعد يتمتعون بنفس الدرجة من الأداء والرضا التي يتمتع بها نظراؤهم في الفصول الدراسية التقليدية. ـ التعلّم الذاتي Self-paced learning، فهو يتيح تعلمًا ذاتيًا خالصًا للطلاب، وقد أظهرت العديد من الدراسات أن طرق التوجيه الذاتي self-directed في التعليم، أفضل بكثير من الطرق المعتمدة على توجيه المعلم teacher-directed. ـ التعاون Collaboration، فبفضل التطور في تقنيات الاتصال، يمكن لطلاب التعليم عن بعد أن يكتسبوا فرصًا أكبر للتفاعل فيما بينهم من جهة، وفيما بينهم وبين مدرسيهم من جهة أخرى. ــ تنوّع الوسائط Variety daboon of media، حيث يوفر التعليم عن بعد تنوعًا للوسائط يتلاءم مع تنوع أنماط وأساليب التعليم ومساقاته. عربيًا، وفي ضوء مجموعة من الدراسات ذات العلاقة أمكن تبرير الحاجة للتعليم العالي عن بعد والتعليم الجامعي المفتوح في البلاد العربية بما يلي (3): ــ زيادة نفقات التعليم العالي، وما يستقطعه من إجمالي الدخل القومي العربي، الذي يستدعي في أحيان عديدة إلى أخذ مخصصات مالية من مرافق أخرى، تؤثر على التنمية الاقتصادية والاجتماعية. كما أن الجامعات العربية تحصل على 20-25% من ميزانيات التعليم في العالم العربي، وهي نسبة كبيرة تنعكس سلبًا على ما يمكن تخصيصه للتعليم العام، فتكلفة تعليم طالب واحد تغطي تكلفة تعليم مئة تلميذ على الأقل في المدارس الابتدائية. ــ التوسع الكمي في أعداد الملتحقين بالتعليم العالي في الوطن العربي، إذ وصل عدد الجامعات إلى 175 جامعة، كما ازداد عدد الطلبة المسجلين في التعليم العالي إلى ما يزيد على ثلاثة ملايين طالب. ــ عدم التوازن الجغرافي في توزيع مؤسسات التعليم العالي في الوطن العربي، إذ إن أغلب الجامعات العربية حضرية الطابع تم إنشاؤها وتطويرها في المدن، مما يترتب على ذلك تقليل فرص التعليم الجامعي لساكن الريف والبادية، الأمر الذي يشجع الهجرة إلى المدن، ويحرم المجتمعات النائية من الخدمات، لذا فإن إيلاء الاهتمام للتعليم عن بعد يشجع تواصل الريف مع التطورات الهائلة التي تعيشها المدن. ضبط وضمان الجودة النوعية: من أكثر الأمور تشجيعًا على قبول مخرجات التعليم العالي عن بعد والتعليم الجامعي المفتوح من قبل البيئة الخارجية، هو عناية المؤسسة التعليمة التي تقدم هذا النمط من التعليم بضبط وضمان الجودة النوعية في برامجها التعليمية. وتجاوزًا للأدب الإداري والتعليمي المتعلق بالجودة النوعية التعليمية، تكفي الإشارة إلى أن المقصود بالجودة النوعية، في التعليم العالي عن بعد والتعليم الجامعي المفتوح، هو وجود نظام مكون من مجموعة من الإجراءات والإرشادات التي تضعها الهيئة التربوية المسؤولة أو المؤسسة التعليمية نفسها، لتهتدي بها في تنظيم عملها في توفير خدمات تعليمية فعالة، كإنتاج المواد التعليمية الجيدة، وتوصيل المعلومات، وتقديم المادة العلمية، وقياس تحصيل الطلبة مما يتفق وهذه المعايير والإجراءات. ومن أهم أهداف الجودة النوعية تلبية احتياجات الدارسين والسوق وضمان الجدوى الاقتصادية من العملية التعليمية برمتها(4). وفي هذا الصدد تؤكد إحدى الدراسات الرائدة في هذا المجال ما يلي(5): ــ لم يعد ضمان الجودة خيارًا في التعليم المفتوح والتعليم عن بعد بل هو أمر بات حتميًا. ـ يمثل ضمان الجودة عددًا من القضايا الخلافية حول طبيعة الجودة ومصالح الأطراف ذات العلاقة من جهة ومصلحة الإدارة من جهة مقابلة، وغيرها مما ينبغي معالجته ومناقشته. ــ حتى وإن كانت دراسات الحالات الدولية في مجال الجودة النوعية في التعليم العالي عن بعد والتعليم الجامعي المفتوح مفيدة نظريًا، إلا أن الإجراءات المؤسسية يجب أن تكون فردية وخاصة بكل مؤسسة بما يناسبها. ــ يمكن للممارسي التعليم العالي التقليدي والتعليم المفتوح وعن بعد أن يستفيدوا من تجارب بعضهم البعض، فهناك تحطّم للحواجز بين نمطي التعليم العالي (التقليدي وعن بعد) فيما يتعلق بالجودة النوعية. daboon وقد تبنّت دراسة حالة للجامعة البريطانية المفتوحة، فيما يتعلق بضمان الجودة النوعية، ثلاثة أسس لضمان الجودة لأي مؤسسة تعليم عال عن بعد، وهي الأسس التالية(6): ــ أن يكون للمؤسسة رسالة تعليمية يمكن ربطها بطريقة إيجابية ملموسة بالغايات التعليمية للمجتمع بصورة عامة، أو بجماعة معينة بصورة خاصة. ــ إمكانية قياس النجاح في تحقيق تلك الرسالة عن طريق التركيز على جودة تعلم الطلاب. ــ أن يكون للمؤسسة أهداف واضحة فيما يتعلق بدعم تعلم الطلاب. وفي التعليم العالي المفتوح عن بعد في الهند تجارب لافتة للنظر في ضبط الجودة النوعية في هذا النمط من التعليم. فعلى سبيل المثال ترتبط الإجراءات والضوابط الخاصة بضمان الجودة النوعية في جامعة أمبيديكار المفتوحة Ambedkardaboon Open University بالعمليات الست التالية(7): ــ تخطيط البرامج الأكاديمية الدراسية. ــ تطوير المناهج ومواد التعلم. ــ إنتاج مواد التعلم. ـ تنفيذ البرامج. ــ مراجعة البرامج. ــ تطوير البرامج الأكاديمية. بينما تتمثل آليات ضمان الجودة في جامعة أنديرا غاندي المفتوحة Indira Gandhi National Open University فيما يلي: ــ تخطيط المقرر الدراسي أو البرنامج. ــ تطوير المقرر الدراسي أو البرنامج. ــ إنتاج مواد التعلم. ــ مراجعة المقررات الدراسية وأنشطة المتابعة. ــ تنفيذ المقرر الدراسي أو البرنامج وتطبيقه. ــ تطوير الموارد البشرية. وعلى العموم تؤكد الهيئات المهتمة بالجودة في التعليم العالي عن بعد بالتحقق من جودة سبع جوانب هامة هي (: ــ رسالة المؤسسة التعليمية. ــ بيئة المؤسسة التعليمية ومدى قدرتها على تقديم التعليم عن بعد. ــ موارد المؤسسة البشرية والمادية. ــ المناهج وطرق التدريس. ــ الدعم المتاح لأعضاء هيئة التدريس. ــ الخدمات والدعم المتوفر للطلاب. ــ مخرجات العملية التعليمية ممثلة في إنجازات الطلبة. هذا ومن أبرز ضوابط ومعايير جودة التعليم عن بعد ما يلي (9): ــ تصميم المنظومة المتكاملة للتعلم عن بعد. ــ المعايير الأكاديمية ومعايير الجودة في مراحل تصميم البرامج واعتمادها ومراجعتها. ــ ضبط الجودة والمعايير في إدارة برامج التعلم عن بعد. ـــ التحصيل العلمي للطالب. ــ تطوير التعلم الذاتي. ــ دعم الطلاب. ــ تواصل الطلاب. ــ تقييم الطلاب. الاعتماد الأكاديمي والمهني: إن النظرة الإيجابية إلى مخرجات التعليم العالي عن بعد والتعليم الجامعي المفتوح تستلزم – بالضرورة- نوعًا من الاعتماد الذي يناسب هذا النمط من التعليم. فالاعتماد لمؤسسات التعليم العالي -وربما التعليم العام- بات ضمانة ومعيارًا لجودة هذا النمط من التعليم أو ذاك، أو هذه المؤسسة الأكاديمية أو تلك، كما غدا حصد المؤسسات الأكاديمية لشهادات الاعتماد جالبًا للمدخلات من الطلاب من جهة، وضامنًا لاستيعاب بيئة العمل والسوق لهم كمخرجات من جهة أخرى مقابلة. ومفهوم الاعتماد Accreditation daboon أو كما يطلق عليه أحيانًا «الاعتراف»، مفهوم أمريكي في بداياته، وهو يتعلق بتلك العمليات الاختيارية التي يقوم بها فريق من المتخصصين، من خلال جمعيات غير حكومية، لإنجاز هدفين، هما: جعل المؤسسات الأكاديمية مسؤولة أمام بعضها البعض عن تحقيق أهداف محددة وملائمة لها ولبرامجها التربوية، وفحص مدى وفاء هذه المؤسسات وبرامجها بمعايير محددة مسبقًا. وفي نطاق التعليم العالي هناك نوعان من الاعتراف هما(10): أ- الاعتراف الأكاديمي أو المؤسسي Institutional Accreditation: وهو نشاط تطوعي غير حكومي تقوم به جمعيات الاعتماد الأكاديمي التي أنشأتها مؤسسات التعليم العالي الأمريكي بهدف تشجيع هذه المؤسسات ومساعدتها في عمليات تقويم وتطوير كفاءة برامجها التربوية، ومنح اعتراف عام ومعلن بالمؤسسات أو البرامج الأكاديمية التي استوفت أو تجاوزت الحد الأدنى من المعايير المحددة للكفاءة أو الجدارة التربوية. ولتحديد المفهوم الإجرائي للاعتماد الأكاديمي يمكن القول إن المؤسسة المعتمدة أو المعترف بها هي التي: ــ لديها أهداف وأغراض ملائمة ومحددة بوضوح. ــ تحقق هذه الأهداف والأغراض بشكل كبير. ــ تقوم بدراسات مستمرة للتأكد من أنها تنجز أهدافها، وفحص فعالية وكفاءة عملياتها، ومعالجة ما يعترضها من مشكلات، وتحاول جاهدة توظيف نتائج هذه الدراسات في تطوير المؤسسة. ــ تتوفر لها المصادر البشرية والمادية والمالية التي تضمن لها الاستمرار في الوفاء بهذه المعايير لمدة زمنية معقولة. ب- الاعتراف التخصصي أو المهني Specialized Accreditation: وهو نوع من الاعتراف بالبرامج التخصصية أو المهنية التي تقدمها المؤسسات الأكاديمية. ويوجد في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من خمس وأربعين جمعية اعتماد متخصصة معترف بها تمارس تقويم البرامج المهنية في الطب والهندسة والقانون وخلافها. ومع أنه ليست كل المؤسسات الأكاديمية تنشد الاعتراف من هذه الجمعيات إلا أن أغلبها يرتبط بنوع من العلاقة بها. وقد اقترح كولير المعايير التالية لاعتماد برامج التعليم عن بعد أكاديميًا ومهنيًا (11): ــ مدى توسيع فرص التعليم لفئات جديدة في المجتمع. ــ مدى تلبية الاحتياجات الشخصية والمحلية والوطنية. ــ نوعية البرامج المقدمة. ــ مدى التقدم الحاصل لدى المتعلمين – الأهداف الموضوعة من قبل المؤسسة- الأهداف الشخصية الخاصة- النتائج غير المتوقعة. ــ تأثير التكلفة. ــ تأثير البرنامج على المجتمع أو على برامج أخرى أو مؤسسات أو أشخاص من حيث أهدافهم وسياساتهم واستراتيجياتهم وسلوكهم. أما رمبلRumbledaboon فقد تقدم بنموذج لاعتماد مؤسسات التعليم عن بعد أكاديميًا يعتمد على أربعة محكات هي(12): ــ الوقت المطلوب للتخرج أو المدة الزمنية. ــ نسبة المخرجات إلى المدخلات، أي نسبة المتخرجين إلى المقبولين. ــ صلاحية المخرجات، بمعنى عدد ونوعية المتخرجين تحقيقًا للأهداف الموضوعة من المؤسسة وحاجة المجتمع للطاقة البشرية وحاجة المجتمع إلى التعلم. ــ قياس فعالية الكلفة وتأثيراتها. وقد وضعت الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي بالمملكة العربية السعودية مجموعة من معايير الاعتماد الأكاديمي لبرامج ومؤسسات التعليم العالي عن بعد والتعليم الجامعي المفتوح، والتي يمكن عرضها كما يلي(13): أولًا: معيار ثقافة وبيئة المؤسسة التعليمية، ويشمل: رسالة المؤسسة وأهدافها، والسلطات والإدارة، وإدارة ضمان الجودة وتحسينها. ثانيًا: معيار جودة التعليم والتعلم ويشمل: التعلم والتعليم، ودعم تعلم الطلبة، وإدارة شؤون الطلبة والخدمات المساندة، ومصادر التعلم. ثالثًا: معيار البنية التحتية المساندة ويشمل: المرافق والتجهيزات، والتخطيط والإدارة المالية، وعمليات التوظيف وشغل الوظائف. رابعًا: معيار الإسهامات في خدمة المجتمع ويشمل: البحث العلمي في مؤسسات التعليم العالي، والعلاقات مع المجتمع. المساءلة أو المحاسبة: المساءلة أو المحاسبة Accountability مفهوم إداري يميل إلى وظائف الإدارة المتعلقة بالرقابة والتقويم وضبط الجودة في الأداء. ويبدو الرضا عن مخرجات التعليم العالي عن بعد والتعليم الجامعي المفتوح مرهونًا – إلى حد بعيد – بتعرّض المؤسسات الأكاديمية التي تقدم هذا النمط من التعليم إلى مساءلة تربوية حقيقية وصارمة. وهناك العديد من التعاريف المقدمة لمفهوم المساءلة، نركز فيما يلي على تعاريف المساءلة المتوائم مع طبيعة النشاط التربوي والتعليمي، ومن ذلك تعريف المسائلة بأنها «التزام العاملين في التعليم بتقديم إجابات أو تفسيرات عما يقدمونه من نتاجات التعليم»(14). وهناك تعريف يرى أن المساءلة في الحقل التربوي والتعليمي «وسيلة يمكن للمنظمات التعليمية من خلالها أن تتحمل مسؤوليات أدائها بحيث يؤدي ذلك إلى اطمئنان من يتعامل معها بأن الأمور تجري للصالح العام وفق الأهداف المرسومة، وتستند إلى تعظيم الممارسات الجيدة وتحجيم الممارسات السيئة، وأن المشكلات يتم التعامل معها بعدالة ومساواة» (15). والحقيقة أن مخرجات النظم التعليمية – بشكل عام - وما يثار حولها من تساؤلات اجتماعية وثقافية تعد من الأسباب الكامنة للمطالبة بممارسة المساءلة التعليميةEducational Accountability، فالمساءلة في المجال التعليمي قامت على شكوك المواطنين بأن نظم التعليم قد فشلت في تحقيق التوقعات الاجتماعية حيالها. وفي خضم الجدل الدائر حول مخرجات التعليم وجودتها نادى الكثيرون بضرورة المساءلة في التعليم وأنها صمام أمان ضروري ومطلوب. وقد أجمل بوين Bowen الخطوات الهامة للحصول على مساءلة مؤسسية حقيقية فيما يلي(16): ــ أن تحدد الأهداف وأن ترتب وفق أولويات. ـــ أن يتم تعيين المخرجات وأن يتم قياسها. ــ أن تعقد مقارنة ومقابلة بين الأهداف والمخرجات ليتم إصدار حكم على الدرجة التي تم فيها تحقق الأهداف. ــ أن تقاس التكلفة وأن يتم الحكم على درجة قربها من حد أدنى مقبول. وباستعراض العديد من الدراسات أمكن تلخيص أهم ملامح الإجراءات والخطوات التي اتخذتها الحكومات لتنفيذ برامج المساءلة تجاه مؤسسات التعليم العالي فيما يلي (17): ــ إنشاء بعض الإدارات والأجهزة المتخصصة والمسؤولة عن تقويم المؤسسات الأكاديمية والتخطيط والتنسيق العام بين جهودها. ــ ربط الدعم الحكومي أو الاجتماعي لهذه المؤسسات ببعض المؤشرات الدالة على كفاءة أدائها، ومدى تحقيق أهدافها، ووفائها باحتياجات المجتمع. ــ إجبار هذه المؤسسات على تطبيق بعض الإجراءات التي تزيد من كفاءة الأداء مثل تطبيق ميزانية الأداء ونظم التدقيق المحاسبي، والالتزام بمعايير الحد من الكفايات اللازمة للتخرج. ــ استصدار التشريعات التي تعطي للحكومة الحق في فحص وتقويم البرامج الأكاديمية وتقديم توصيات محددة بشأن الاعتراف بها واستمرارها أو تطويرها أو سحب تراخيص العمل منها وإقفالها. ــ تطوير وتقنين بعض الإجراءات والمقاييس والمؤشرات لاستخدامها في عملية الفحص الدوري، والحكم على كفاءة وفاعلية البرامج الأكاديمية ووفائها باحتياجات الولاية، واتخاذ قرارات الميزانية وتحديد حصص مؤسسات التعليم العالي من الدعم الحكومي. ومن جهة ذات علاقة فمؤسسات التعليم العالي عن بعد، خصوصًا تلك العائدة للقطاع الخاص، توظف رؤوس أموال كبيرة، سواء كانت هذه الأموال عائدة للمال العام أو للمستثمرين أو للطلاب وذويهم، ولذلك فمن الضروري وجود ممارسة محاسبية تتحقق من توظيف هذه الأموال التوظيف السليم، الذي يخدم تحقيق كل الأهداف التعليمية والاجتماعية والاستثمارية لهذه المؤسسات، بحيث لا يطغى هدف الربحية على الأهداف التعليمية والاجتماعية، وبحيث يضمن للمستثمرين الرقابة والضمان لحسن توظيف رؤوس أموالهم. وقد برز مؤخرًا مفهوم حوكمة الشركات Corporate Governance كممارسة محاسبية للمنظمات المختلفة يمكن أن تطبق بشكل كبير في المؤسسات التعليمية. التقويم الذاتي: أثار تزايد التدخل الحكومي والاجتماعي من خلال برامج المساءلة تخوّف مؤسسات التعليم العالي من فقدان استقلاليتها والسيطرة على شؤونها، وأدركت هذه المؤسسات أن الضمان الوحيد لعدم تزايد دور الحكومة في شؤونها هو شروعها في تقويم قوي وصارم لجميع الأنشطة التي تقوم بها، وذلك لإثبات أن هذه المؤسسات تهتم بجودة برامجها، وإسقاط مبررات التدخل الحكومي أو المجتمعي في تقويم الجامعة للتأكد من جودة برامجها (18). ولعلنا نقترح فيما يلي مجموعة من إجراءات التقويم الذاتي المستمر والشامل لمؤسسات وبرامج التعليم العالي عن بعد والتعليم الجامعي المفتوح وهي: تقويم الأهداف المؤسسية، تقويم القضايا الاستراتيجية (رؤية ، رسالة، أغراض، نقاط قوة، فرص...)، تقويم التخطيط التعليمي، تقويم الموارد البشرية والمادية من حيث تدفقها وكفايتها، تقويم البرامج التعليمية من حيث مواءمتها لسوق العمل ومواكبتها للتغييرات المتلاحقة في تركيبته، تقويم التصميمات التعليمية وطرق التدريس، تقويم الوسائط التعليمية المتعددة، تقويم المصادر التعليمية والمكتبات، تقويم نظم الاتصال بالطلاب، تقويم الهيئة التعليمة، تقويم المحاضرات في المراكز التعليمية، تقويم تعلّم الطلاب وتقدّمهم الأكاديمي، تقويم برامج الخدمات الطلابية وبرامج شؤون الطلاب (قبول،تسجيل، إرشاد، أنشطة لامنهجية...إلخ)، تقويم الهيئة الإدارية ونظم الإدارة المالية والمحاسبة، تقويم علاقة المؤسسة بالمؤسسات المماثلة ومراكز البحوث والجهات الحكومية والأهلية ذات العلاقة | |
|
الأحد أكتوبر 07, 2012 11:44 am من طرف الياس الفرجاني