السلآم عليكم ورحمة الله وبركآته
تأتي كل يوم , تراقب كوخه من بعيد , بعد أن إنزوى عن العالم الخارجي , بسبب الحادث المؤلم الذي حدث له .
شاكر شاب في مقتبل العمر , جميل المحيا وسيم المنظر , أخلاقه لا يعلى عليها , رؤوف رحيم حنون الطباع ,
أكمل دراسته , وقرر الزواج بفتاة أحلامه سارة , التي كان يحبها منذ الصغر , يحميها من كل مكروه , وكبر
حبهم مع مرور السنين , كان الجميع يعلم مدى تعلق شاكر بسارة وتعلق سارة به , و ينتظرون خبر زواجهم بفارغ الصبر .
جاء اليوم الموعود , لبست سارة يوم خطوبتها فستانهآ الأحمر الذي إختآره شآكر خصيصاً لهذه المنآسبة , فهو يحب اللون الأحمر كثيراً ,
أنتظرت وصوله بشوق وفرح , ومرت الدقآئق والسآعآت لكنه لم يصل , قلقت عليه كثراً فهو لا يرد على مكآلمآتهآ الهآتفية , وفي النهآية يعطيهآ
أن الرقم الذي طلبته مغلق أو خآرج نطآق التغطية حآلياً , بكت سآرة في حضن أمهآ , مآ الذي حدث يآ أمي ..؟؟؟ مآ بهِ تأخر هكذآ ...؟
ولِمَ لآ يجيب على مكآلمآتي وأكملت بكآئهآ وأمهآ تهدئ من روعهآ وتصبرهآ : إن شآء الله خيراً يآ إبنتي لآ تقلقي حبيبتي كل تأخيرة وفيهآ خيرة ,
وفجأة رن الهآتف , فحملته بسرعة : ألوو شآكر .. لكن الصوت لم يكون صوت شآكر , إنمآ صوت أحد رجل آخر .. : من معي ..؟
سآرة : أنت من تكون ومن اين لك بهىتف شآكر ...؟
أجآبهآ : أنآ الشرطي سمير وهذآ الهآتف يكون لصآحب الحآدث ..
حآآآدث ..؟؟!!! حآدث مآذآ سيدي ..؟
الشرطي : الشآب الذي أتحدث بهآتفه الآن , حدث له حآدث مؤلم وهو يقود السيآرة .
صُدِمت سآرة ووقع الهآتف من يدهآ وبدأت بالبكآء والصرآخ , حملت الأم الهآتف : أهلاً سيدي وشآكر مآ حآله ...........؟
رد عليهآ قآئلاً : تم نقله إلى المستشفى وحآلته خطيرة جداً .
شكرت الأم الشرطي وأغلقت الهآتف , وهرعت لتهدئة إبنتهآ التي إنهآرت بسبب مآ سمعت , فهو كآن حب حيآتهآ منذ الصغر , وبعد أن هدأت قليلاً
قرروآ الذهآب إلى المستشفى , وصلوآ إلى هنآك يعبرون الممر تلو الممر لكي يصلوآ إلى الغرفة التي تأوي جسد خطيبهآ المسكين , رأته مثل الجسد بلآ روح
لكن الطبيب طمأنهآ أنه على قيد الحيآة , وأنه سيستفيق غداً من المخدر وكسوره بسيطه , وفجأة تغيرت ملآمحه وقآل : لكن عينيه تأذتآ كثيراً , وأخشى أن
يفقد بصره , ودعونآ لا نستبق الاحدآث فلنصبر ونرى ..ألقى عليهم بالخبر الصدمة ورحل , بكت سآرة كثيراً ورفعت يديهآ بالدعآء , تأمل أن يستيقظ ويعود مثلمآ كآن ,
مرت ثلآثة أيآم صعبة على سآرة , وأخيراً وصل خآله وحيده في الحيآة , فأهل شآكر توفتهم المنية وهوفي 17 من عمره , ليس له عم أو عمة أو خآلة ,
لكن ولله الحمد له خآل يقطن في أمريكآ , لأن عمله يجبره على البقآء هنآك , رحبت بهِ سآرة وأمهآ وشكرهمآ كثيراً لأنهم بقوآ بجآنبه طول هذه المدة
فسألهم عن حآله وأجآبته الأم قآئلة : كسوره ولله الحمد بدأت تجبر وتلتأم , وجسده سليم ولله الحمد وهو إستيقظ منذ أمس لكننآ نخشى على بصره ,
لأن زجآج النآفذة الأمآمي تهشم وتسآقطت الشظآيآ في عينيه ,
رد الخآل قآئلا : لآ حول ولآ قوة إلا بالله , الله المستعآن لنصبر ونرى .
مرت الأيآم , أكمل فيهآ شآكر أسبوعاً كآملاً في المستشفى أجروآ من خلاله العملية الجرآحية في عينيه لإزآلة الشظآيآ , وحآنت اللحظه الحآسمة...
أزآلوآ الضمآدآت من على عينيه , وهو مغلق العينين , وبعدهآ طلب منه الدكتور أن يفتح عينيه ويرى أصآبع يده تشير لأي رقم ..؟
وبتأنٍ مصحوب بالخوف , فتح شآكر عينيه , لكنه لم يرى شيئاً أغمضهآ وفتحهآ مرة أخرى ليتأكد لكن لا فآئدة ترجى منهآ وصدم صدمة العمر ,
وبدأ بالبكآء والنحيب بصوت عآلٍ , وحآول خآله والممرض تهدأته لكن بلا جدوى , فأعطوه إبرة مسكنة لكي يهدأ وينآم ,
خرج الخآل من الغرفة وكله أساً وحزناً على إبن أخته رحمهآ الله , وأخبرهم بالخبر الفآجعة
فسقطت سآرة مغشي عليهآ من هول الصدمة , حملوهآ إلى غرفة من الغرف , وتم إيقآظهآ , وإعطآئهآ مسكن ليريح ويهدأ من اعصآبهآ لكن دموع
عينآهآ لم تتوقف أبداً , وبقيت على هذى الحآل شهور طوآل .
مرت تلك الشهور على شآكر مثل السنين والدهور الطويلة , فإنطوى على نفسه بكوخ صغير , لا يريد أن يرى أحد أو ان يرآه أحد , حتى سآرة
منعهآ من زيآرته , يظن بأنه لا يستحقهآ بعد الذي حدث له , حآولت سآرة أن تفهمه , لكن لا فآئدة ترجى من عنآده وبقي على هذى الحآل سنين طوآل .
و في بدآية كل شهر يرسل له خآله مؤونة شهر كآمل , تسآعده على إكمآل حيآته التي إختآرهآ بنفسه , وهي الوحدة القآتلة , وونيسه الوحيد آلة البرآيل , يكتب
كل مآ يجول في رأسه من افكآر وقصص تمنى العيش مثلهآ , وعن حبيبته التي فرق بينهم القدر , ورسآئل إعتذآر منه إليهآ .
أمآ سآرة , كآنت كل يوم تأتي لترآقب كوخه , وتشتآق إليه من بعيد إلى بعيد ودموعهآ على خدهآ , لم تتوقف من ذلك اليوم المشؤوم ,
كآنت بدآية يومهآ سعيدة ونهآيته أتعس من التعيسة , فحمدت الله على كل حآل , و رضخت لطلبه وهو الإبتعآد عنه لأنه لن يفيدهآ بشيئ بعد الآن ,
حآولت معه كثيراً , وأفهمته أنهآ ستكون له عينيه وكل شيئ في الحيآة , لكن عنآده وخوفه من أن يؤذيهآ في يومٍ مآ منعه من القبول , وقرر العيش وحيداً.
مرت أيآم إنشغلت فيهآ سآرة عن الذهآب لمرآقبته , فعملهآ أخذ كل وقتهآ , إختآرت عملاً شآق حتى ينسيهآ ألمهآ , وقرآره بالإبتعآد الذي زآد من حزنهآ ,
خرجت مسرعة من منزلهآ , لتصل إلى كوخه , وتفآجأة بمآ رأت , الكوخ مهجور لآ يقطنه أحد , ليس فيه أي دبيب للحيآة , ركضت مسرعة تنظر من النآفذة , لكنهآ
لم ترى شيئاً , رحل شآكر ... رحل دون أن يخبرهآ بمكآن رحيله , أو أن يودعهآ , فبكت سآرة , وصرخت بصوتٍ عالٍ , أتظن أنك فعلت بي خيراً بقرآرك ..؟
قرآرك أخذ مني روحي وأنهكني , جلست على الأرض بآكيه وتُتَمتم : يآآآ الله لمن أشكوآ حزني وهمي وألمي , الذي بدأ قبل أن ينتهي , يآآرب صبرني على مآ أصآبني
فأنت العآلم بمآ في قلبي .
الإثنين يونيو 06, 2011 12:48 am من طرف المايسترو علاء قرواش