بدأت شجرة زيتون فلسطينية تحظى باهتمام عالمي متزايد، باعتبارها قد تكون اقدم شجرة زيتون في العالم.ويؤكد المهندس الزراعي نادي فراج أن عمر شجرة الزيتون التي تقع في تلال القدس الجنوبية المهددة دائما بالاستيطان الإسرائيلي، ويطلق عليها السكان اسم شجرة سيدنا احمد البدوي، يزيد عن 5500 عاما.
ولا تحظى هذه الشجرة، التي ربما تكون اقدم شجرة في فلسطين، واقدم شجرة زيتون في العالم، بشهرة كبيرة،وتكاد تكون مجهولة، حتى أن كثيرا من سكان قرية الولجة التي تقع الشجرة فيها لا يعرفون عنها الكثير.
ويقول فراج الذي ينشط، مع متطوعين أجانب، لمساعدة المزارعين هناك الذي يواجهون تحديات مريرة مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بان خبراء يابانيين فحصوا الشجرة بأدوات خاصة وقدروا عمرها بنحو 5500 عاما.
ولا يحتاج الزائر للشجرة لأقوال الخبراء، ليدرك على الفور عمرها الضارب في القدم، وعندما قاس مراسلنا قطرها تبين له انه يصل إلى 20 مترا.
وقالت نعمة عبد ربه 55 عاما، التي تسكن قريبة من الشجرة، بان حكايات كثيرة تنسج عن شجرة البدوي، وان السكان المحليين يخشون التعرض لها بسوء مثل قصف غصن منها، أو استخدام ثمارها.
وأشارت في حديث لمراسلنا بان السكان يلجاون إلى قطف سبع ورقات من الشجرة لاستخدمها في وصفة توضع تحت راس المريض، وان التجربة تثبت دائما قدرة هذه الأوراق على الشفاء.
وترتبط الشجرة بميثولوجيا محلية وحكايات لا تنتهي عن الحلال والحرم والصدق والكذب وفعل الخير، وتروي عبد ربه أن أحد أقربائها المعروف باسم أبو شحادة قصف يوما جذعا من هذه الشجرة ليشذبه ويستخدمه كعصا للفأس، ولكن هذا الجذع تحول في الليل إلى نوع من الأفاعي السوداء يعرف محليا باسم (العربيد) أثار الذعر في المنزل، فما كان منه، في صباح اليوم التالي، إلا أن اخذ الجذع وقذفه إلى الشجرة قائلا "خذ جذعك يا سيدنا احمد البدوي".
وكما هو معروف فان احمد البدوي هو قطب صوفي شهير قبره في مدينة طنطا الساحلية في مصر، وكان له اتباع كثر في فلسطين.
ويقول أبو نضال وهو أحد كبار السن في القرية، بان زيتونة احمد البدوي، هي وقف إسلامي، رغم أنها تقع الان ضمن ملكية فردية.
ويشير إلى أن دراويش الصوفية كانوا في السابق يأتون إلى الزيتونة ويشذبونها ويقلمونها ويجمعون الأغصان ليوقدوا نارا تحتها، بينما يأتي الذين انذروا نذورا كي يطهوا طعاما تقليديا من الأرز والعدس، وتوزيعه على الفقراء، لكن هذا الطقس لم يعد موجودا في الوقت الراهن.
ويروي أبو نضال حكايات كثيرة عن الشجرة، من بينها أن أحد الأشخاص التقط ثمرها الأسود ووضعه في منزله تمهيدا لصنعه، فتحول إلى صراصير، وحكاية أخرى عن جامع آخر لثمر الشجرة وضعه في منزله، فدخل عليه في الليل اتباع البدوي وكأنهم أشباح وقسموا الثمر قسمين، في إشارة إلى انه يمكن أن ينتفع جامع الثمر بنصفه، نظير تعبه بشرط أن يوزع النصف الآخر على الفقراء، وتوزع الأموال التي يباع بها الثمر الان على الفقراء.
تجريد ومعارض
وفي محاولة لإعادة الاهتمام بالشجرة من ناحية قيمتها التاريخية، لا يترك عبد الفتاح عبد ربه (45) عاما والشهير بلقب كتكت، بابا يفتح في هذا المجال إلا ويستغله، فيدعو المتضامنين الأجانب والمتطوعين إلى شجرة البدوي باستمرار، حيث يتناولون غذائهم تحت الشجرة المثيرة التي يمكن أن تحتوي تحت أغصانها أعداد كبيرة من الناس.
واصطحب كتكت، الفنانة التشكيلية الفلسطينية التي تعيش في أميركا سامية حلبي (65) عاما، التي استوحت أعمالا كثيرة لها من أشجار الزيتون، معه إلى شجرة احمد البدوي، وسارا معا في الطريق الترابية الملتوية الضيقة المؤدية إلى الشجرة، لتجد حلبي التي تعاملت بفلسفة خاصة مع أشجار فلسطين، نفسها أمام شجرة مختلفة بكل المقاييس.
وجاءت حلبي مع مجموعة من الفنانين الأميركيين واليابانيين، وجلسوا تحت الشجرة منذ الصباح حتى العصر، وهم يرسمون شجرة الزيتون الموغلة بالقدم والمثقلة بالحكايات.
وعرضت حلبي رسوماتها التجريدية المستوحاة من شجرة البدوي في معارض في المدن الأميركية وخارجها.
واستخدمت حلبي تقنيات فنية متنوعة في نقل روح الشجرة إلى أعين زوار معرضها، من بينها القماش والورق والبولياستر.
وحلبي من مواليد مدينة القدس، التي عادت إليها في عام 1965، لتتكرر زيارتها للمدن الفلسطينية، وترتبط بالأمكنة وليكون لأشجار الأرض المقدسة أهمية بالغة في فنها.
والمثير في حكاية أشجار الزيتون القريبة من شجرة البدوي، أنها لم تعد فقط موضوعا لأعمال فنية، بل شكلت هي نفسها معرضا فنيا، بفضل نادي فراج.
يقول نادي فراج بأنه خلال أعمال بناء الجدار الفاصل جنوب القدس، تم اقتلاع عشرات الأشجار المعمرة التي يزيد عمر الواحدة منها عن الألفي عام، وبعد جهود حثيثة وافقت السلطات الإسرائيلية على السماح للفلسطينيين بأخذها، بشرط أن لا يعيدوا زراعتها في مكانها، فنقلها فراج إلى ساحة المهد في مدينة بيت لحم، لتشكل معرضا مفتوحا، يثير اهتمام المصورين والسياح الأجانب، وعلق في "رقبة" كل شجرة حكايتها الخاصة المؤثرة، من بينها شجرة أطلق عليها اسم شجرة السلام، أعيد زراعتها وسط الساحة، وأوحت هذه الشجرة لكاتبة أطفال أوروبية بجعل صورتها غلاف أخر كتاب لها عن حكايات الأرض المقدسة التي تبدا وتنتهي بالأشجار.
من فلسطين غير متواجد حالياً رد مع اقتباس
الخميس يناير 20, 2011 1:03 pm من طرف سارة صبرى