] [خديجة بنت خويلد
أول زواج لمحمد بن عبد الله كان بخديجة بنت خويلد، يقول ابن إسحاق: وكانت
خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال. تستأجر الرجال في مالها
وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم وكانت قريش قوما تجارا; فلما بلغها عن رسول
الله ما بلغها، من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه فعرضت عليه
أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجرا، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من
التجار مع غلام لها يقال له ميسرة فقبله رسول الله منها، وخرج في مالها ذلك
وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدم الشام.
فنزل رسول الله في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب من الرهبان فاطلع الراهب
إلى ميسرة فقال له من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟ قال له ميسرة هذا
رجل من قريش من أهل الحرم; فقال له الراهب ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا
نبي.
تم الزواج وكان سنها آن ذاك أربعين سنة وهو في الخامسة والعشرين، وهي أول
امرأة تزوجها ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت وكل أولاده منها سوى إبراهيم
ومات البنين كلهم في صغرهم، أما البنات فكلهن أدركن الإسلام فأسلمن وهاجرن،
إلا أنهن أدركتهن الوفاة في حياته سوى فاطمة الزهراء فقد ماتت بعده بستة
أشهر من وفاته.
عائشة بنت أبي بكر
أسلمت عائشة بنت أبي بكر في بداية دعوة الرسول للإسلام وكان عمرها آن ذاك
ست سنوات وخطبها محمد بمكة، وبنى بها بالمدينة وهي بنت تسع سنوات وهو أصح
الأقوال عن عمرها فقد أسلمت وعندها ست سنوات في أول البعثة فيكون عمرها حين
هاجرت للمدينة تسع سنوات ولم يتزوج سيدنا محمد بكراً غيرها، زوجه إياها
أبوها أبو بكر، وأصدقها محمد أربعمائة درهم.
شجرة نسب أمهات المؤمنين وإلتقاءه بنسب رسول الله صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة
تزوج النبي محمد سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك
بن حسل بن عامر بن لؤي، زوجه إياها سليط بن عمرو، ويقال أبو حاطب بن عمرو
بن عبد شمس ود بن نصر بن مالك بن حسل، وأصدقها محمد أربعمائة درهم.
قال ابن هشام: ابن إسحاق يخالف هذا الحديث، يذكر أن سليطا وأبا حاطب كانا
غائبين، بأرض الحبشة في هذا الوقت. وكانت قبله عند السكران بن عمرو بن
عبد شمس بن عبد ود ابن نصر بن حسل .
زينب بنت جحش
تزوج الرسول محمد زينب بنت جحش بن رئاب الأسدية زوجه إياها أخوها أبو أحمد
بن جحش وأصدقها محمد أربعمائة درهم، وكانت قبله عند زيد بن حارثة، مولى
الرسول، ويؤمن المسلمون أن الآية القرآنية نزلت فيها : ( فلما قضى زيد
منها وطرا زوجناكها ) .
أم سلمة
تزوج محمد أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية، واسمها هند، زوجه
إياها سلمة بن أبي سلمة ابنها، وأصدقها فراشا حشوه ليف، وقدحا، وصحيفة،
ومجشة، وكانت قبله عند أبي سلمة بن عبد الأسد، واسمه عبد الله فولدت له
سلمة، وزينب، ورقية.
حفصة بنت عمر بن الخطاب
تزوج محمد حفصة بنت عمر بن الخطاب، زوجه إياها أبوها عمر بن الخطاب،
وأصدقها أربعمائة درهم، وكانت قبله عند خنيس بن حذافة السهمي.
أم حبيبة
تزوج محمد أم حبيبة، واسمها رملة بنت أبي سفيان بن حرب، زوجه إياها خالد بن
سعيد بن العاص، وهما بأرض الحبشة، وأصدقها النجاشي عن الرسول محمد
أربعمائة دينار، وهو الذي كان خطبها على الرسول، وكانت قبله عند عبيد الله
بن جحش الأسدي.
جويرية بنت الحارث
هي أم المؤمنين جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن جذيمة الخزاعية
المصطلقية، كانت تحت ابن عم لها يقال له مسافع بن صفوان المصطلقي، وقد قُتل
في يوم المريسيع، ثم غزا النبي قومها بني المصطلق فكانت من جملة السبي،
ووقعت في سهم ثابت بن قيس .
وزواج رسول الله منها وقع في السنة الخامسة للهجرة، وكان عمرها إذ ذاك
عشرين سنة، ومن ثمار هذا الزواج المبارك فكاك المسلمين لأسراهم من قومها.
ففي الحديث عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: (لما قسم رسول الله
سبايا بني المصطلق، وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن
الشماس أو لابن عم له، وكاتبته على نفسها، فأتت رسول الله تستعينه في
كتابتها، فقالت: يا رسول الله، أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، وقد
أصابني ما لم يخف عليك، فوقعتُ في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم
له، فكاتبته على نفسي، فجئتك أستعينك على كتابتي، فقال لها: فهل لك في خير
من ذلك؟ قالت: وما هو يا رسول الله ؟ قال: أقضي كتابتك وأتزوجك، قالت: نعم
يا رسول الله، قال: قد فعلت، وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله تزوج
جويرية بنت الحارث، فقال الناس: أصهار رسول الله ، فأرسلوا ما بأيديهم - أي
أعتقوا- من السبي، فأعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق، فما
أعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها) رواه الإمام أحمد في مسنده.
وروى ابن سعد في الطبقات أنه لما وقعت جويرية بنت الحارث في السبي، جاء
أبوها إلى النبي فقال: إن ابنتي لا يُسبى مثلها؛ فأنا أكرم من ذاك، فخل
سبيلها، فقال: (أرأيت إن خيّرناها، أليس قد أحسنّا؟)، قال: بلى، وأدّيت ما
عليك، فأتاها أبوها فقال: إن هذا الرجل قد خيّرك فلا تفضحينا، فقالت: فإني
قد اخترت رسول الله .
وغيَّر محمد اسمها، فعن ابن عباس قال: (كان اسم جويرية بنت الحارث برة،
فحوّل النبي اسمها، فسماها جويرية) رواه الإمام أحمد في مسنده.
وكانت رضي الله عنها ذات صبرٍ وعبادة، كثيرة الذكر لله عزوجل، ولعلّنا
نستطيع أن نلمس ذلك من خلال الحديث الذي رواه ابن عباس (أن النبي مرّ على
جويرية بنت الحارث وهي في مسجد، ثم مر محمد بها قريباً من نصف النهار، فقال
لها: ما زلتِ على حالكِ، فقالت: نعم، قال ألا أعلمكِ كلماتٍ تقولينها:
سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله عدد خلقه، سبحان
الله رضا نفسه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله زنة
عرشه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته،
سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله مداد كلماته) رواه الترمذي، وصحّحه
الألباني.
ولم تذكر لنا كتب الحديث إلا القليل من مرويّاتها، ومن جملة ذلك ما رواه
الإمام أحمد في مسنده عن جويرية بنت الحرث رضي الله عنها قالت: (دخل عليّ
النبي يوم جمعة وأنا صائمة فقال لي: أصمت أمس؟ ، قلت: لا، قال: تريدين أن
تصومي غدا؟، قلت: لا، قال فأفطري).
توفيت أم المؤمنين جُويرية في المدينة سنة خمسين، وقيل سنة سبع وخمسين
للهجرة وعمرها 65 سنة.
صفية بنت حيي
تزوج محمد صفية بنت حيي بن أخطب، سباها من خيبر، فاصطفاها لنفسه، وأولم
الرسول وليمة، ما فيها شحم ولا لحم، كان سويقاً وتمراً، وكانت قبله عند
كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق.
ميمونة بنت الحارث
تزوج محمد ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بحير بن هزم بن رويبة بن عبد الله
بن هلال بن عامر بن صعصعة، زوجه إياها العباس بن عبدالمطلب، وأصدقها العباس
عن الرسول أربعمائة درهم، وكانت قبله عند أبي رهم بن عبدالعزى بن أبي قيس
بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي؛ ويقال أنها التي وهبت
نفسها للنبي ، وذلك أن خطبته انتهت إليها وهي على بعيرها، فقالت : البعير
وما عليه لله ولرسوله، وفيها كانت الآية القرآنية : ( وامرأة مؤمنة إن
وهبت نفسها للنبي ) .
زينب بنت خزيمة
أرسل الرسول إلى زينب بنت خزيمة يخطبها إلى نفسه، وما أن يصل الخبر إلى
المهاجرة الصابرة التي أفجعها فراق زوجها الشهيد عبد الله بن جحش في غزوة
أحد، امتلأت نفسها سعادة ورضا من التكريم النبوي لها، فهي ستكون إحدى
زوجاته فما كان منها إلا أن أرسلت إلى الرسول: (أني جعلت أمر نفسي إليك)...
وتزوجها محمد في شهر رمضان من السنة الثالثة للهجرة ولم تمكث عنده إلا
أشهراً وتوفيت
مارية القبطـية (هدية المقوقس)
قدمت مارية إلى المدينة المنورة بعد صلح الحديبية في سنة سبع من الهجرة.
وذكر الرواة أن اسمها مارية بنت شمعون القبطية، بعد أن تم صلح الحديبية بين
الرسول وبين المشركين في مكة، وبدأ الرسول في الدعوة إلى الإسلام ، وكتب
الرسول كتبًا إلى ملوك العالم يدعوهم فيها إلى الإسلام، وأهتم بذلك
اهتماماً كبيراً، فأختار من أصحابه من لهم معرفة وخبرة، وأرسلهم إلى
الملوك، ومن بين هؤلاء الملوك هرقل ملك الروم، عيبرى أبرويز ملك فارسيون
،المقوقس ملك مصر التابع للدولة البيزنطية والنجاشي ملك الحبشة. وتلقى
هؤلاء الملوك الرسائل وردوها رداً جميلاً، ما عدا عيبرى ملك فارسيون، الذي
مزق الكتاب.
لما أرسل الرسول كتاباً إلى المقوقس حاكم الإسكندرية والنائب العام للدولة
البيزنطية في مصر، أرسله مع حاطب بن أبي بلتعة، وكان معروفاً بحكمته
وبلاغته وفصاحته. فأخذ حاطب كتاب الرسول إلى مصر وبعد ان دخل على المقوقس
الذي رحب به. واخذ يستمع إلى كلمات حاطب، فقال له " يا هذا، إن لنا ديناً
لن ندعه إلا لما هو خير منه".
اُعجب المقوقس بمقالة حاطب، فقال لحاطب: " إني قد نظرت في أمر هذا النبي
فوجدته لا يأمر بزهودٍ فيه، ولا ينهي عن مرغوب فيه، ولم أجدهُ بالساحر
الضال، ولا الكاهن الكاذب، ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء والأخبار
بالنجوى وسأنظر"
أخذ المقوقس كتاب النبي محمد بن عبد الله وختم عليه، وكتب إلى النبي:
" بسم الله الرحمن الرحيم:إلى محمد بن عبد الله، من المقوقس عظيم القبط،
سلام عليك، أما بعد فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد
علمت أن نبياً بقي، وكنت أظن أنه سيخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت
إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وبعيبوة، وأهديتُ إليك بغلة لتركبها
والسلام عليك".
كانت الهدية جاريتين هما: مارية بنت شمعون القبطية وأختها سيرين بنت شمعون.
وفي المدينة، أختار الرسول مارية لنفسه، ووهب أختها سيرين لشاعرهِ حسان بن
ثابت الأنصاري. وكانت مارية بيضاء جميلة الطلعة، وقد أثار قدومها الغيرة
في نفس عائشة، فكانت تراقب مظاهر اهتمام رسول الإسلام بها. وقالت عائشة:"
ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية، وذلك أنها كانت جميلة جعدة -أو
دعجة- فأعجب بها رسول الله وكان أنزلها أول ما قدم بها في بيتٍ لحارثة بن
النعمان، فكانت جارتنا، فكان عامة الليل والنهار عندها، حتى فرغنا لها،
فجزعت فحولها إلى العالية، وكان يختلف إليها هناك، فكان ذلك أشد علينا" .
ولادة مارية لإبراهيم
بعد مرور عام على قدوم مارية إلى المدينة، حملت مارية، وفرح النبي محمد
لسماع هذا الخبر فقد كان قد قارب الستين من عمرهِ وفقد أولاده ما عدا فاطمة
الزهراء. وولدت مـارية في "شهر ذي الحجة من السنة الثامنة للهجرة النبوية
"، طفلاً جميلاً يشبه الرسول، وقد سماه إبراهيم، " تيمناً بأبيه إبراهيم
خليل الرحمن " وبهذه الولادة أصبحت مارية حرة.
عاش إبراهيم ابن الرسول سنة وبضع شهور يحظى برعاية رسول الإسلام ولكنه مرض
قبل أن يكمل عامه الثاني، وذات يوم اشتد مرضه، ومات إبراهيم وهو ابن ثمانية
عشر شهراً، " وكانت وفاته يوم الثلاثاء لعشر ليال خلت من ربيع الأول سنة
عشر من الهجرة النبوية المباركة"، وحزنت مارية حزناً شديداً على موت
إبراهيم.
مكانة مارية في القرآن
لمارية شأن كبير في الآيات وفي أحداث السيرة النبوية. "أنزل الله صدر سورة
التحريم بسبب مارية القبطية، وقد أوردها العلماء والفقهاء والمحدثون
والمفسرون في أحاديثهم وتصانيفهم". وقد توفي الرسول وهو راض عن مارية، التي
تشرفت بالبيت النبوي، وعدت من أهلهِ، وكانت مارية شديدة الحرص على اكتساب
مرضاة الرسول. ولهذا السبب حُل للمسلمين نكاح أهل الكتاب.
وفاة مارية
عاشت مـارية ما يقارب الخمس سنوات في ظلال الخلافة الراشدة، وتوفيت في
السنة السادسة عشر من محرم. ودعا عمر بن الخطاب الناس وجمعهم للصلاة عليها.
فاجتمع عدد كبير من الصحابة من المهاجرين والأنصار ليشهدوا جنازة مـارية
القبطية، ودفنت إلى جانب نساء أهل البيت النبوي، وإلى جانب ابنها إبراهيم