الـتــــجربـــــة الأولى*
إبراهيم عبد الغني الصوالح
استيقظت رشا على عادتها مبكرةً .. لم تسمع جلبةً في البيت .. مازالوا نياماً .. فركت عينيها .. نظرت إلى ابنة عمّها مروة ..إنها تستسلم كلياً لهجعة الصباح .. ما أجمل الإنسان وهو يشعر بالأمان.. مشت بهدوء .. جلست على كرسي جانب النافذة .. أزاحت طرف الســـــــتارة : الناس في الشــارع يضجُّون حيويــةً ونشــاطاً.. هذا يحمل صحن فول ، وذاك يسرع الخطى لإيصال الخبز حاراً إلى ذويه .. هذا يعود من العمل ، وذاك يحثّ الخطى متوجهاً إلى عمله .. المدينـة لا تنام ..وكأنّ نشاط سكانها يتوزّع على محيـط دائرة كل نقطةٍ فيه يمكن أن تكون نهايةً لنشاطٍ ما .. وبدايةً لآخر .
مساكين أهل المدن .. يتأخرون في الســهر .. يتأخرون في الاسـتيقاظ .. كلٌ يحاول موازنة معادلة الحياة بطريقتـه .. أكثرهم يأخذ من آخر الزمن على حساب أوله .. تظل المعادلـة خاسرةً لديــهم.. يغلب عليهم الشعور بالتقصيـر.. معظمهم لا يشارك الشمس فرحـة ميلاد أشعتـها اليومي .. و لا يـحسدها على شفقها في الغروب .. الموظف لا يعشق من الشـهر إلا رأسه .. التاجر يهلّل بكلّ زبون وكأنـّه أول دالف لمـتجره .
في المدينة تتصارع الأفكار .. ويتنوع سلوك الناس بتنوع الملابس التي يغلفون بها أجسادهم ، وحين تتاح للكثيرين منهم فرصة التعري من أغلفة السلوك ، والنظر إلى خارطة الجسد وكم غيّر الزمن فيها من مواقع، وترك آثارأ على صورة الإنسان
لديهم ، فإنهم يطفئون الأنوار.. يرخون الستائر ، ويغطون في نوم عميق .
نظرت إلى ساعة يـدها.. يوجد متسع من الوقت.. لفت نظرها سهم عقرب الـثواني يقفز بصخبٍ واضحٍ.. يمسح ً دائـرة الساعـة .. ابتسمت ابتسامـةً خفيفةً لاكتشافها الشبه الكبير بين ساحة الساعة ، وساحة الحياة .. سهم عقرب الثواني يدور ويدور.. مثل ثور الرحى.. يضفي على الساعة مظهر الحياة ، ومع ذلك فإن كثيراً من الناس لا يعيرونه أي انتباه عند تقدير الوقت.. بل تتّجه أنظار أغلبهم رأساً إلى سهم عقرب الساعات ، وهم لا يعلمون أن هذا المؤشر الصغير يطحن بصخبه مع القمح الحياة ، وهو في الاكتشافات العلمية معيار النجاح.
* صباح الخير رشا .. ( قالت مروة)
* أهلاً مروة .. أخشى أن أكون قد أيقظتك قبل موعد استيقاظك ؟ فنحن في الريف معتادون على الاستيقاظ باكراً.
* مروة :لا .. ها قد عادت أيام المدرسة ، وعاد معها الاستيقاظ باكراً ..أراك ما زلت خائفة ؟
* رشا : لست خائفة ، ولكني قلقة .. عقلي لا يصدق الشائعات حول شخصية الدكتور سعيد ، لكن نفسي تخشاها .
* مروة : لقد أدخلت القلق لدي من كثرة ما حكيت عن الدكتور سعيد بالأمس .. يمكن لوالدي التدخل لدى عميد الكلية بشأنك ؟
* رشا : لا .. لا .. إيّاك .. إيّاك .. لا أريد بدء حياتي الجامعية بالواسطة !هل مدرستك بـعيـدة عن المنـزل ؟ وقبـل أن تجيـب مروة على السؤال سمعت نـقر والدتها على الباب وهي تصيح : هيّـا يا بنات .. هيّـا يا مروة ..
أيقظي ابنة عمك ، طعام الفطور جاهز . هيّا ... هيّا .. حتى لا تتأخرا .
* مروة : هل أطلب من أخي شادي إيصالك إلى الجامعة ؟
* رشا : لا .. لا .. إني أعرف الطريق .. جفلت من المقترح .. وابتعدت في تفكيرها كثيراً ، متصورةً ابن عمها يظهر الحرص عل إيصالها كل يوم إلى الجامعة إن هي قبلت المقترح .. والله أعلم إلى أيـــن ستتطور الأمور؟.
2
يا لفتيات المدينة .. كيف يستطعن الظهور على هذه الدرجة العالية من الأناقة ؟ وكأنهن أمضين الليل جّله يدققن في صغير التفصيلات وكبيرها .. شكلها ولونها .. سألت رشا نفسها وهي تقارن حالتها بحالتهن ، بينما كانت تعبر إلى الجامعة.
اتجهت إلى لوحة الإعلانات .. وقفت بين الجمع المنتظر ، المتنوّع في منابته .. الملوّن في ملابسه .. شكَّلهم القلق في مجموعات ، فُتحت فيها منافذُ التعارف .. وسيطرت العموميات على مواضيع الأسئلة ، من غير أن يعير السائل اهتماماً كبيراً لمعرفة الجواب ، وكم من أسئلة طُرحت ، وقاطعتها أسئلة أخرى دونما اكتراث بالأجوبة، لكن سؤالاً واحداً ما فتيء ينغص على الجميع ، وينفخ في قربة القلق البادي على الوجوه .. سارقاً منها فرحة دوام اليوم الأول في الجامعـة ، إلى درجـة أن أغلبهم راح يستبدل بالمنطـق الدعـاء والاستغاثـة ، ويتضرَّع إلى ربّه ألاّ يأتي اسمه في زمرة الدروس العمليـــة التي يشــرف عليها الدكتور ســعـيــد .. لقد وَصلت أخبار تجاربه إلى مدنهم وقراهم ، حتى قبل أن يعرفوا أنهم مقبولون في نتيجة المفاضلة للانتساب إلى كلية الطب.
طلاب بقية السنوات يتوافدون لرؤية القلق الذي عانوا منه مرتسماّ في عيون الجيل الجديد يحاولون تذكر لحظات خوفٍ خلبيٍ .. اكتشفوا بعدها زيف الشائعات .. وقوتها في آنٍ معاً .
* ثائر : ( من طلاب السنة الثانية ) قائلاً لرفيقيه : أتريان مدى قوّة الشائعات ؟
* أسعد : ألمِِِْ تعشْ تلك اللحظات ؟
* ثائر : نعم .. نعم .. لقد تعلمت منها درساً لن أنساه .
* شاكر : أما أنا فلم أُُعرْها أيّ اهتمام .
* ثائر : أتعرف لماذا ؟
* شاكر (باهتمام ) : لمْ أسألْ نفسي هذا السؤال .
* أسعد : لأنك أحدُ مصادرها .. ويضحك ثلاثتهم ها .. ها ها ..هاها .. هاها
* شاكر : انظرا إلى ردّة فعل هؤلاء الفتيات .
* ثائر : إيّاك والتحرش بهن .. اعقل قليلاً .. ودعك من المزاح .. فهو ثقيل في مثل هذه اللحظات .
*شاكر : انظر فقط ، ووفّر نصائحك .. لا أقصد الإساءة .. بل تحريرهن من التوتر والقلق البادي على ملامحهن .
* انتصار : هنيئاً لهم ( تحدّث رفيقتيها ) .. يضحكون ملء قلوبهم .
* ماري : لا تنظري إليهم وأنت تتحدثين عنهم .. لئلاّ يظنّون بأننا نفسح المجال لهم للتحرش بنا .
* رشا : مفتاح الظن يكون في السلوك غير المتوقع ؟
* شاكر (رافعاً صوته ، وهو يمرّ مع صديقيه أمامهن ) : انظرا إلى صاحبة الحذاء
البنّي .. إنها أجملهن ..
* أسعد : دعك من هذا.. وتجنب ردّة فعلٍ أنت في غنىً عنها .
*شاكر : انتظر .... انتظر ... راقبا حركاتهنّ .
تصنعت كلُّ واحدةٍ منهن عدم الاكتراث لكلام شاكر .. لكنّ الفضول بدأ يشدّها لتعرف من هي أجملهنّ في نظر هذا الشابّ المشاكس ، وداخلها الشك في لون الحذاء الذي ارتدته صباح اليوم ، وبدأت حركات العيون تتحايل لتجيل النظر على ألوان الأحذية ، وأول ما سعت إليه كل واحدة منهن النظر إلى حذائها لتتأكد من لونه علّها تكون قد ارتدت حذاء أختها أو ابنة عمها البني اللون .. وما هي إلاّ لحظات حتى انفجرن بالضحك بعد ما اكتشفن عدم ارتداء أيّ واحدةٍ منهنّ حذاءً بنيّ اللون .
سـاد الصمت فجأةً .. وكأنه قنبلةٌ فراغيــة ســحبت ضجّـة الحيـاة .. بدأت المجموعات بالاقتراب من لوحة الإعلانات .. علا صوت العم فرحان ( المستخدم في الكلية ) وهو يطلب الانتظار ريثما يثبّت القوائم الاسمية للجلسات العملية في مكانها .
لم تفاجأ رشا عندما وجدت اسمها في زمرة الدكتور سعيد ، لأنها كانت تتوقع ذلك ، وبدلاً من القلق الذي عانت منه ، أحست بانشراح في صدرها ، وقرار في عقلها لا يعلن قبول النتيجة فحسب ، بل يقبل التحدي.. وبلا شعور سألت بصوت مسموع : لماذا اليوم.. كيف سننفذ جلســـة عملي دون الأدوات المناسبة ؟ وذلك بعد ما لفت نظرها ملاحظة كُتبت بخطٍ متميزٍ : اليوم تبدأ أولى جلسات العملي للزمرة التي يشرف عليها الدكتور سعيد الساعة /12/ في المدرج الخامس . الحضور مسموح لبقية طلاب الزمر أو السنوات الأخرى .
* يرد عليها شاكر: التجربة الأولى للدكتور سعيد لا تحتاج لأدوات ، وهي هامةٌ جداً .
* ماري : درس عملي ولا يحتاج لأدوات ؟
* شاكر : نعم .. نعم لا يحتاج لأدوات.. وإن كان ولا بد فالقليل منها يسد الحاجة ، أترين هذه الجموع من طلاب بقيـة السنوات ؟ !! لقـد أتـوا لحضور أولى تجارب الدكتور سعيـد ، إنه ينـفذها سنويـاً في احد المدرجات حتى يتسنى لكل من يرغب حضورها .. هيّا هيّا لأخذ أماكن مناسبة في المدرج .
* ماري : أنا لست في زمرة الدكتور سعيد .. بل زميلتي رشا .
* شاكر : وإن يكن .. من المفيد جداً حضور التجربـة الأولى للدكتور سعيد .. إياك أن تضيّعيها ستتذكريها طيلة حياتك .. فيها من المتعة والفائدة بما لا يقدر بثمن...وعادةً تكون الجلسة الأولى عنواناً لما سيقدمه في السنـة كلّها .. فضلاً عن المقرر من المنهاج ، وسيُعلم اسم دفعتكم اليوم ، نسبة إلى التجربة المنفذة .
* ماري: أتعرف أين يقع المدرج الخامس ؟
* شاكر : نعم .
* ماري (لرفيقتيها) : هيّا .. هيّا .
*شاكر ( لرفيقيه) : هيّا .. هيّا
3
سهم عقرب الثواني يجدُّ في مواصلة تحركه الرتيب ، وكأنه طفل اكتشف للتو متعة خطواته الأولى في ساحة يلعب فيها وحيداً بين أبويه ، ووسط العيون المشدودة إليه ، يحرص على الدقة في نقل موضع قدمه ، فلا يزيد بعد الخطوة ، ولا ينقص مقدارها ، ومع قفزته إلى النقطة التي دقت عندها الساعة الثانية عشرة يدخل رجلٌ متوسط العمر .. مربوع القامة .. يرتدي صدريّةً بيضاء .. اشتعل رأســه شيباً ، يتبعه العم فرحان ، يحمل وعاءً فيه حوالي ثلاثة ليترات من سائل بدا مصدر قرف واشمئزاز له ،إلى درجة أنه تنفس الصعداء عندما وضعه على الطاولة ، وكأنه تحلل من عناء كبير ، أو تخلص من هم ثقيل ، فلوى شفتيه وهو يسرع بالانصراف.
وضع الدكتور سعيد ما في يده من أدوات مخبرية قليلة العدد .. حيّا الجميع .. ودون مقدمات قرب الوعاء إلى الجهة القريبة من الطلاب .. ثم قال :
أرجو قبل البدء بتجربة هذا العام ( ومطّ عبارة هذا العام قليلاً ) أن نتعرف إلى أولى القواعد المهنية في الحياة التي اخترتموها ، وأرجو ألا تنسوها :
عدّوا على أصابعكم وردّدوا بعدي :
أن يكون الطبيب : إنساناً .. خلوقاً .. رحيماً .. مبادراً ..صبوراً .. جريئاً .. سريع البديهة .. حادّ الملاحظة ( وكررها مرتين) ..
حسناً لنعد إلى التجربة .. تناول أنبوب اختبار .. ملأه بكميةٍ من السائل الموجود أمامه .. رفعـه على مرأى من الطلاب .. أترون هذا السائـل ؟ إنّّه بول الإنسان .
• شاكر( هامساً لثائر ) : إذاً سيكون اسم هذه الدفعة من الطلاب دفعة (اليوريك) ؟
• ثائر : لم لا يكون اسمها فوج النشادر نسبةً إلى الغاز الموجود في ) اليوريك) ؟
• أسعد : انتبها !!! الدكتور يرمقكما بطرف عينيه.
يتابع الدكتور التجربة قائلاً :
انتبهوا .. انتبهوا .. أعاد السائل الموجود في الأنبوب إلى الوعاء . . نظر إلى الطلاب .. ساد الصمت .. رفع يده اليسرى في وضعٍ انفرد فيه من قبضته إصبعا السبابة والوسطى .. وكأنّه يرفع إشارة النصر .. ثمّ بدأ يغير الزاوية بين الوسطى والسبابة بحركةٍ فيها الكثير من التمثيل .. وانقضّ بيده فجأةً كالصقرباتجاه الحوض.. بلّ إصبعه في السائل .. رفع يده .. مصّ إصبعه .. أخرج منديلاً .. مسح الإصبع .. وألقى المنديل في سلة المهملات .
أرأيتم ؟ .. أرأيتم ؟ .. التجربة بسيطة .. وهي مدخلٌ هامٌ جداً في مهنة الطب .. لأن كل واحد منكم قد يتعرض لمواقف أصعب من ذلك بكثير.
هيّا .. سيكرر كل واحد منكم ذلك أمامي .. هيّا ..
شخصت أبصار الطلاب والذهول باد على محيّا كل منهم مما رأته عيناه .
• رشا : هل من الممكن أن تعيد التجربة يا أستاذ ؟
• الدكتور : لا .. ولكن يمكن أن نفتح باب التبرع .. لمتطوع يكرر التجربة .
رفع شاكر يده ..أخرج يا شاكر .. أحسنت .. وإن تكن التجربة لطلاب السنة الأولى .. لكن لا بأس من مشجّع واحد فقط يبدأ التجربة هيّا يا شاكر .
خرج شاكر ومشى بحركاتٍ استعراضية .. فيها الكثير من الثقة بالنفس والأكثر من التمثيل ، أقبل على الوعاء .. غطّ إصبعه في السائل .. قام بإحداث حركةٍ دورانيةٍ فيه .. رفع إصبعه والسائل يقطرُ منه ، وقام بمصّه متظاهراً بالشجاعة .. خانته شجاعته .. وغالب كثيراً تقلصات معدته التي كادت أن تقذف ما فيها .. عاد إلى مقعده ، غير قادر على تمالك نفسه ..
وبإشارة من يد الدكتور بدأ طلاب الزمرة الأولى يتقاطرون مجبرين ، بعد أن نظّم لهم الدور .. كان التردد سيد الموقف ، والجبن يفيض مع كل قطرة من سائل التجربة .. ظنّ البعض أن الوقت لن ينقضي .. سارت التجربة ثقيلةٌ على النفس .. قاسيةٌ على الأحاسيس .. صاعقةٌ للمشاعر .. كان كل طالب يفرد إصبعاً من قبضة يده .. ويقتر كثيراً في بلّ طرفه .. ثم يمصه على مضض ويعود إلى مقعده .. وكأنّه أفاق للتو من نومٍ فاض بالكوابيس المرعبة.
مازالت رشا تتمنى في سريرتها أن يعيد الأستاذ التجربة ، لقد شكت في حركة يده ، لماذا رفع الأستاذ إصبعين اثنين ؟ ألم يكن كافياً فرد إصبع واحد من قبضة يده ؟ عقلها يقلب الأفكار .. شكوكها تتزايد مع تزايد علامات الانقباض والامتعاض إثر تذوق كل طالب السائل ، وعصف دماغها يقدح الأفكار بالأفكار .. وأضحت كمن حوصر من الجهات كلها بالنار ، وراحت تتخطفها بيارق الشك وهي تتلمس سبل النجاة .. الدور منها يقترب ، والأفكار في رأسها تغلي وتفور وهي تعيد ترتيب أدواتها وأفكارها، الجسد يرتعش .. الثقة بالنفس تتزايد ، وفي لحظة المواجهة ، اقتربت من الوعاء .. رفعت قبضة يدها عالية في السماء .. رمقت أستاذها بنظرة فيها الكثير من إمارات التحدي، فردت اصبعي السبابة والوسطى .. أحدثت بينهما فرجةً .. وكأنها تكشف له عن زاوية هجومها .. انقضت كالشاهين على السائل وسط دهشة الجميع .. غطت إصبعها في السائل .. رفعت يدها بسرعة .. مصت إصبعها ، وعادت إلى مقعدها تمشي مشية المنتصرين .
لم يتمالك الدكتور سعيد السيطرة على نفسه ، ألهب كفيه بالتصفيق .. صفّق معه الجميع دون أن يعرفوا سبباً لذلك !!! ودهشوا من عبارات الثناء التي كالها الأستاذ على ثقة رشا بنفسها ، وصلابتها أمام التجربة ، وقبل أن يستفيقوا من ذهولهم ، صاح بهم بأعلى صوته : لا تكونوا كالببغاوات ..لا علم دون الملاحظة الدقيقة .. قلدتم حركتي دون تفكير .. صفقتم دون معرفة السبب .. انتبهوا ... انتبهوا ... رفع الدكتور مجدداً إصبعيه.. السبابة والوسطى .. قرّبهما من السائل لكن هذه المرة ببطء شديد وهو يقولُ وقد علا صوته أكثر : وحدها رشا من لاحظ بدقة ما قمت به .. لقد بللتُ الإصبع الوسطى.. وقمتُ بمصّ السبابة .