الإمبراطور المدير التنفيذى للمنتديات
العمل : مزاجك : الهوايه : الجنس : عدد المساهمات : 7123 تاريخ التسجيل : 29/01/2010 نقاط : 14894 الموقع : dodo_mo_2010_2050
| | الاستعداد لرمضان | |
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه. موضوع الخطبة الاستعداد لرمضان الحمد لله الذي جعل صيام رمضان سترا وجنة، وسببا موصلا إلى الجنة، ووقاية من شياطين الإنس والجنة، وأشهد أن لا إله إلا الله فرض الصيام فضلا منه ومنة، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله هدانا إلى أوضح محجة وأقوم سنة، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الذين هم لكل خير مظنة، وعلى التابعين لهم بإحسان ممن كانت نفوسهم بالإيمان مطمئنة. أما بعد فيا أيها الإخوة المؤمنون أوصيكم و نفسي بتقوى الله حق تقاته، وسارعوا إلى مغفرة ربكم ورضوانه وجناته. إن هذه الجمعة هي آخر جمعة من شهر شعبان، وغدا ان شاء الله سنكون في رحاب شهر رمضان,شهرالعفو والغفران، شهر مدارسة القرآن، شهر الصدقة والبر والإحسان، ورمضان فرصة لتنقية أجواء الإيمان، والتسلح بأخلاق الإسلام، والانسلاخ عن أخلاق اللئام، فرصة للإقتداء بسيد الأبرار، وللابتعاد عن تقليد الأشرار، فرصة للتحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل، تصفد فيه الشياطين، وتفتح فيه أبواب الجنان، وهو شهر الصيام والقيام، وشهر الجود والإكرام. لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أجود الناس على الإطلاق، و لكنه في رمضان يزداد جوداً، فقد كان ريحاً مرسلة في السخاء والكرم والإنفاق، يجالس فيه الصالحين، ويدارس فيه القرآن، ويعتكف في المسجد بالتراويح والقيام، حتى تورمت منه الأقدام، ويقود حملات الجهاد ضد أعداء الأمة فينتصر في غزوة بدر في رمضان، ويفتح مكة المكرمة في رمضان. روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان النبي أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، وروى البخاري ومسلم عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها قالت: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت له: لم تصنع هذا يا رَسُول اللَّهِ وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: «أفلا أكون عبداً شكوراً؟». تلكم -يا عباد الله- صورة مصغرة لحياة النبي في رمضان، تلكم هي بطاقة تعريف لسيرة النبي في رمضان: كلها كرم وجود، واعتكاف بجد واجتهاد، وتحقيق النصر في الجهاد، وتحري نفحات ليلة القدر. هكذا يستعد النبي صلى الله عليه وسلم لرمضان. والسؤال المهم هنا كيف نستعد نحن لرمضان؟ فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود بالخير في رمضان من الريح المرسلة على الفقراء، فنحن أيضا أجود من الريح المرسلة؛ لكن على أنفسنا وبطوننا ناسين أو متناسين أن الله شرع الصيام للقلب والروح لا للبطن والمعدة، للسكينة والوقار لا للسان والشجار، شرع فيه الصيام تهذيبا للأغنياء ومواساة للفقراء، لا معرضا لفنون الأطعمة والأشربة، حيث تزداد فيه عندنا تخمة الغني بقدر ما تزداد فيه حسرة الفقير! وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى في رمضان ليلة القدر فنحن أيضا نتحرى في رمضان لكن من المأكولات أحلاها، ومن المشربات أغلاها، ومن الأفلام أفحشها، ومن السهرات أفسقها! وإذا كان رمضان عند النبي صلى الله عليه وسلم شهر العلم والفوائد، فقد كان لدينا شهر الأكل والموائد! وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يحيي ليالي رمضان حتى تورمت قدماه، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فنحن أيضا نحيي ليالي رمضان لكن بمشاهدة التلفزيون حتى تورمت عيوننا، فنزيد من قائمة ذنوبنا ما تقدم منها وما تأخر! وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعرض في رمضان لنفحات الرحمن، فنحن نعرض أنفسنا في وسائل الإعلام لفحات الشهوة والشيطان! حيث يرفعون من وثيرة الفسق في ليالي رمضان، فيختارون لها أفحش أفلام الرقص والمجون، وأفسق البرامج الخليعة، فيبثون لبيوت الصائمين والصائمات أفظع السهرات وأقبح الويلات! وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر في رمضان من مدارسة القرءان، ومجالسة الصالحين، فمنا من يكثر من مصاحبة قرناء السوء ومدارسة لعبة الورق مما يسمى ﺑـ(الكرطى) و(ضمى) وغيرهما من وسائل القمار والميسر في المقاهي، بل وعلى قارعة الطريق تحت الحيطان لا يتحركون من أجل الله أكبر ولا حي على الصلاة، وربما لا يبعدون عن المسجد إلا بضع خطوات، وأغلبهم من الشيوخ أصحاب التقاعد، الذين تشتهيهم لملأ أوقاتهم بذكر الله واعتياد المساجد. أما الشباب فمدارستهم في السبرات في شبكة الانترنيت، مدارسة لفساد ربما لا يخطر حتى ببال الشيطان، كل ذلك في نهار رمضان وليالي رمضان! وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في رمضان في أحب البقاع إلى الله وهي مساجدها، فمنا من يعتكف في أبغض البقاع إلى الله وهي أسواقها، فيعتكفون على البيع والشراء فلا يحضرون المساجد إلا قليلا وعلى عجل، فيصير عندهم رمضان موسما للدنيا لا للآخرة، ويزيد الطين بلة حين تعرض هذه الأسواق كل شيء حتى الخمور!… أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين أجمعين والحمد لله رب العالمين. الحمد لله رب العالمين… أما بعد فيا أيها الاخوة المؤمنون! لو قيل لكم إن ضيفا كريما عظيما سيحل بكم ما ذا ستفعلون؟ إن الناس عادة إذا نزل بهم ضيف كريم استعدوا له بأمرين: الأمر الأول: تنظيف المنزل وتهيئته وترتيبه وتطييبه. الأمر الثاني: تقديم المكرمات له من أشهى الطعام والشراب وأحلى الكلام وأطيب الروائح. وها هو رمضان قد أتى ضيفا كريما فكيف حالنا؟ و كيف حال الأمة؟ وما هي مراسم الاستقبال؟ هل من وقفة صادقة للمحاسبة؟ هل من وقوف جاد للتأمل؟ هل من توبة نصوح؟ هل من بر وإحسان؟ فرمضان ضيف كريم، ومن كرمه يغفر الله به الذنوب، وتضاعف فيه الأعمال، يقول الله تعالى عنه في الحديث القدسي الجليل: «كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به» فهو ضيف كريم، له في نفوس الصالحين بهجة، وفي قلوب المتعبدين فرحة، وحسبكم في فضائله وكرمه أن أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار. ورب ساعة قبول من رمضان، أدركت عبداً فبلغ بها درجات الرضى والرضوان. فعلينا إذن أن نهيئ لهذا الضيف الكريم منزله، ونقدم له المكرمات اللائقة بمنزلته. أتدرون ما هو منزله؟ إنه قلوب المؤمنين، ونفوس الطائعين، فيجب علينا أن ننظف قلوبنا بماء التوبة النصوح، ونطيب أنفسنا بروائح الاستغفار. أما المكرمات التي يجب أن نقدمها لرمضان فهي الصيام والقيام، وهي مدارسة القرآن، وهي الجود والإحسان، وهي صلوات وتهجد وتراويح، وهي أذكار وجهاد وتسابيح. ألا فاتقوا الله عباد الله ألا فاتخذوا النبي صلى الله عليه وسلم أسوة في رمضان، وأكثروا فيه من قراءة القرآن، ومن البر والإحسان، وتعرضوا فيه لنفحات الرحمن، ألا فأكرموا هذا الضيف العظيم، طهروا له قلوبكم بالتوبة وجاهدوا أنفسكم بالطاعات، وابذلوا الفضل من أموالكم في البر والصلات. هذا وأكثروا من الصلاة والسلام على رسول الله | |
|