محمد عادل الحلاج عضو فعال
عدد المساهمات : 68 تاريخ التسجيل : 22/01/2011 نقاط : 5308
| | البراكين | |
البراكين
الـجـزء الاول :
تبدا هذه القصه من قرية صغيرة تبعد عن باريس 100 كم تسمى "اورجيرسي" وكان يعيش في تلك القرية طبيب يدعى " ليسكاربولت" و كان فلكيا هاويا بنى مرصدا صغير على سطح بيته .
وفي يوم 26 مايو 1859 كان الدكتور " ليسكاربوت" اقتطع عدة دقائق من عمله لمراقبة الشمس وعندما كان يشاهدها من خلال التلسكوب لاحظ ظهور بقعة بقرب الحافة العلوية اليسرى من قرص الشمس ثم تتحرك ببطء إلى الأسفل. لقد راقب بشغفو لانه كفلكي خبير كان يعلم أن مايراه ليس بقعه شمسية وبعد ذلك نودي عليه لعيادة مريض ، ولكن عندما عاد كان الجسم لا يزال في موقعه متحركا ببطيء عبر قرص الشمس .
وقد راقبه لعدة ساعات حتى اختفى. ولقد مضى وقت حتى يناير عندما تبين لطبيب القرية أن ماراه يمكن أن يكون كشفا فلكيا بالغ الأهمية ، فقد أعلن العالم الفلكي الفرنسي البير اوربين جين جوزيف ليفريير عن نظرية يمكن أن تشرح مشكلة كوكب عطارد والذي لا يتصرف وفق تنبؤ العالم اسحق نيوتن وبدا أن شيئا يشوش حركته لدى دورانه عبر السماء .
قال ليفريير ان عطارد يتشوش بسبب جسم مجهول يقع بينه وبين الشمس ولم يكن بالإمكان رفض نظريته لانه تنبا بموقع كوكب نبتون قبل ذلك بثلاث عشر سنه وذلك بدراسة عدم الانتظام في مدار اورانوس وأدت حساباته إلى كشف كوكب نبتون.
عندما سمع " ليسكاربوت" بنظرية "ليفريير" تبين له ان القرص الأسود الذي شاهده متحركا عبر قرص الشمس يمكن ان يكون الجسم المطلوب ، وبعفوية وبراءة أرسل مضمون مشاهداته للفلكي الكبير و أوضح انه لم يكن يرغب في الحديث عن المشاهدة في وقت مبكر لانه لم يكن باستطاعته القيام برصد آخر لتأكيد المشاهدة.
وعلى الفور توجة "ليفريير" من باريس للتحقيق مع الطبيب وقد قطع 19 كم سيرا على الأقدام من اقرب محطة للقطار وبالمناسبة فان "ليفريير" كان معروفا بأنه من اكثر الرجال فظاظة في التاريخ وعندما وصل منزل الطبيب كان في حالة عارمة من الغيظ.
ان المقابلة التي تبعت ذلك يلخصها كتاب فلكي من القرن التاسع عشر "
عند وصوله لمنزل الطبيب المتواضع رفض التعريف عن شخصه ولكن بسلوك فوقي ولهجة رسمية بدا حديثة : إذن أنت أيها السيد من يدعي انك شاهدت الكوكب بين عطارد والزهرة وارتكبت إساءة كبيرة بكتمانك موضوع كشفك لمة تسعه اشهر . انني احذرك انني جئت هنا بغية مقاضاتك بادعاءاتك وللبرهان على انك غير امين او انك قد خدعت.
إذن اخبرني ماذا رأيت . شرح الطبيب بعد ذلك ما شاهده ودخل في كل تفاصيل اكتشافه . وعند شرحة للطريقة التقريبية التي تبناها للتأكد من وقت المشاهدة الأولى سال الفلكي عن الميقاتية التي كان يستعملها الطبيب وكانت دهشته بالغة عندما ابرز الطبيب له ساعة يد قديمة فيها عقارب دقائق فقط وشرح الطبيب ان تلك الساعه لازمته في رحلته العلمية واضاف انها لا تعتبر دقيقة للغاية من اجل تغطية تلك التجربة.
وكانت النتيجة ان "ليفريير" وقد بدا يستنتج ان الموضوع برمته اما هو سوء تقدير او خدعه ، تساءل بحرارة : هل هذه الساعة القديمة التي تبين الدقائق فقط تتجرا على الحديث عن حساب الثواني ، ان شكوكي ألان اصبح لها أسس متينه و أجاب " ليسكاربولت " على ذلك بان لدية نواس يعد له الثواني وهو عبارة عن كرة عاجية مربوطة بخيط حريري ، وهو مربوط بمسمار وبذلك ينوس ولدى مقارنته بالساعه تبين انه يقيس الثواني بدقة مرضية ، لقد تعجب " ليفريير من كيفية معرفة عدد الثواني واجاب " ليسكاربولت " انه لا يجد صعوبة في ذلك ، فهو قد تعود الإحساس بالنبضات وعد النبض ، وهو بنفس البساطة يستطيع استخدام نفس المبدأ مع النواس.
وهكذا استمرت المقابلة والحوار وقد تعرض تلسكوب الطبيب للفحص وكذلك مذكرات الطبيب التي تذكر المشاهدة وهذه المذكرات كانت ملوثه بالشحم والمستحضرات الطبية وحتى حسابات ليسكاربولت لبعد الكوكب عن الشمس كانت مكتوبة على لوح خشب ، فان ليسكاربولت الذي لم يكن لدية ورق كان يكتب حساباته على الخشب ثم يمحو ليكتب حسابات جديدة ، و أخيرا اقتنع ليفريير وعاد إلى باريس لأذاعه الاكتشاف.
ويمكن التنبؤ بان ذلك سبب حساسية في العالم واصبح الفلكيين شغفين وينتظرون بلهفة فرصة رؤية الكوكب الجديد الذى سماه ليفريير " البركان " وهكذا فيبين 29 مارس و 7 أبريل 1860 أي بعد سنه من مشاهدة ليسكاربولت وجهت مراصد العالم على أمل العثور على ذلك الكوكب الجديد دون جدوى وفق التنبوءات الفلكية ، ولكن لم يرى أحد أي اثر للكوكب.
لقد اصبح الفلكيون المحترفون في وضع غير مريح وبعضهم بدا يشكك بوجود كوكب البركان وعلى الرغم من ذلك استمر ليفريير في إجراء حسابات تفصيلية للكوكب لم يشاهده هو نفسه، لقد تجمعت أحيانا تقارير متفرقة من الهواة مثلا " ريشارد كوفينغتون " الذي ظهرت ملاحظاته في مجلة الــ (سيانتيفيك اميركان ) الامريكية ومفادها مايلي :
لقد كنت قاطنا في منطقة واشنطن في تلك الاونه وكنت اعمل على مرج يبعد عدة اميال عن قلعه فانكوفر على نهر كولومبيا . كان هناك سلسله من الجبال على بعد ومن خلفها بلغت الشمس ارتفاع 30 درجة فوق الأفق ، عندما فاجاني صبي بسؤلة : ما بال الشمس ، وعندي النظر اليها رايت كوكبا مستديرا تماما ، انها بقعة سوداء واضحة وراقبت تحركها حتي نهايته باستخدام تلسكوب وذلك بالزر بعين واحدة خلال فترات قصيرة جدا. | |
|