كيف أسلم (قصص إسلامية رائعة) قصة الصحابي الجليل بلال بن رباح رضي الله عنه
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الواجب الوجود، المنزه عن المكان والحدود، ونصلي ونسلم على سيدنا محمد سعد السعود، صاحب اللواء المعقود، والحوض المورود، والمقام المحمود، وعلى ءاله وصحبه أهل الكرم والجود، وعلى من تبعهم بإحسان إلى اليوم الموعود.
يقول الله تبارك وتعالى: {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعملَ صالحًا وقال إنني من المسلمين} [سورة فصلت/33].
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من كان ءاخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة يومًا من الدهر وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه". رواه ابن حبان مرفوعًا.
أما بعد، فإن الإسلام هو الدين الذي رضيه الله لعباده وأمرنا باتباعه ولا دين صحيح غيره، يقول الله تعالى: {إن الدينَ عند الله الإسلام} [سورة ءال عمران/19].
فإنه يسعدنا أن نضع بين يدي القارئ قصص إسلامية رائعة وفيها ذكر بعض المتقدمين وخبر إسلامهم، عسى أن يكون ذلك حافزًا لنا في الثبات على هذا الدين الحنيف، والدعوة إليه امتثالاً لأوامر الله عز وجل، وأن يكون في ذكر قصصهم عبرة وموعظة لنا، فطوبى لمن اعتبر فقد قيل: ما أكثر العبر وأقل الاعتبار، راجين المولى الكريم أن يثبتنا على دين الإسلام على الدوام حتى نلقى الله تعالى عليه.
نسأل الله عز وجل المغفرة، وقبول العمل الصالح منا، إنه على ما يشاء قدير وبعباده لطيف خبير.
الصحابي الجليل بلال بن رباح رضي الله عنه
كان من السابقين الأولين الذين عُذبوا في الله، وشهد بدرًا وأحدًا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هو مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلال بن رباح الحبشي أحد السبعة الذين كانوا أول من أظهر إسلامه وهم: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وبلال وصُهيب وعمار بن ياسر وأمه سمية وخباب، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه وحماه عمه أبو طالب، وأما أبو بكر فحماه قومه، وأما الباقون فأُخذوا وأُلبسوا الحديد ووضعوا في الشمس، فكان بلال رضي الله عنه أجلدهم، فقد كان أمية بن خلف يُخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول له: لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى، فيقول وهو في ذلك البلاء: أحدٌ أحد.
وجعل أمية في عنقه حبلاً وأعطاه صبيان مكة فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو لا ينفك يقول: أحد أحد.
وفي "صفة الصفوة" لابن الجوزي، عن عروة بن الزبير، عن أبيه أن ورقة بن نوفل كان يمر ببلال، وهو يعذب فيقول له: أحد أحد يا بلال، ثم أقبل على أمية بن خلف وهو يصنع ذلك ببلال فقال له: والذي نفسي بيده، لئن قتلتموه على هذا لأتخذنه حنانًا [أي موضع بركة ورحمة فأتمسح به متبركًا].
وذكر الذهبي في "سير أعلام النبلاء" أن أبا بكر رضي الله عنه مر ببلال وهو يُعذب فقيل له: اشترِ أخاك بلالاً، فاشتراه بخمس أواقٍ ذهبًا، وقيل بأربعين أوقية، ثم أعتقه لله، فقالوا لأبي بكر: لو أبيتَ أن تشتريه إلا بأوقية لبعناكه، فقال رضي الله عنه: لو أبيتم إلا مائة أوقية لاشتريته.
وكان عمر بن الخطاب يقول أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا [يعني بلالاً رضي الله عنه].