عيون ريبيكا عضو مرشح للإشراف
العمل : مزاجك : الهوايه : الجنس : عدد المساهمات : 255 تاريخ التسجيل : 18/07/2010 نقاط : 5711
| | من حكايات زورك نيميسيس .. حكاية رجل الظلام | |
ليس مهما أن أرحب بكم .. وليس ضروريا أن تستقبلوني بترحاب .. دعونا نتفق على ما سيحدث .. أنا هنا لأكتب .. وأنتم هنا للقراءة .. ليس من الضروري أن يعجبكم ما سأقول .. وليس علي أن أصدع رأسي بتحملكم .. لذا لنبتعد عن المجاملات .. أنا شيخ مسن من النوع الذي لا يروق لأحد .. وأنتم مجموعة شباب فضوليين من النوع الذي لا يروق لي .. هكذا نكون قد ابتعدنا عن الرسميات البغيضة التي يصر البشر على استخدامها فيما بينهم .. اسمي ليس مهما .. يمكنكم مناداتي باسم زورك .. ولا أود سماع كلمة واحدة عن معنى هذا الاسم . أعرف أن الكثير أتى يستمع إلي للبحث عن متعة الرعب .. أنا هنا لأخبرهم أن القبور تكتظ بأمثالهم من الذين ظنوا أن الرعب متعة جميلة .. ثم ماتوا وفي أعينهم نظرة ملتاعة عندما عرفوا الحقيقة .. لا رعب في حكاية خيالية ألفها شخص ما أثناء فترة تأمل ... الرعب هو ما تسمعه على لسان صديق ملتاع يحكي لك بعيون متسة ما حدث معه يوما .سأتيح لكم الفرصة لمعرفة أكثر .. ليس مني لأنني مصاب بداء الملل السريع .. ستسمعون كل شيء منهم .. بألسنتهم .. هم يعرفون كل شيء .. لأنهم رأوه رأي العين .. لا تسألوني من أنا .. تذكروا أنكم هنا لتسمعوا .. لا لتسألوا ... وإن لم يعجبكم ما سمعتموه فاذهبوا وفجروا رؤوسكم .. لن يحدث فارقا عندي .. تماما كما أنه لو انتزعت روحي مني في أحد نوبات الصرع الذي ابتليت به فلن يحدث فارقا لديكم ... هكذا اتفقنا
بمناسبة الظلام الذي أمر به هذه الأيام قررت أن أحكي حكاية عن الظلام هذه المرة ..
حكاية رجل الظلام هل تجرؤ يا سيدي على الاتصال ب 777 بعد منتصف الليل ؟ .. إذا كنت تجرؤ فأنت يا سيدي رجل شجاع جدا .. وإني لأحسدك على موهبتك هذه جريدة آي جازيت التركية ... 12 مايو ... 1995 تم في مساء الأمس الثلاثاء اكتشاف جثة الطفل إرهان سلمان في جانب الطريق السريع إسطنبول – إيسينكوي .. كان أهل الطفل قد أعلنوا عن اختفائه منذ خمسة أيام كاملة ... وقد أسفرت تقارير الطب الشرعي عن رأي يقول أن القاتل قد خنق الطفل بوضع رأسه في كيس من البلاستيك السميك ... وقد أكد الطبيب أيضا أن الطفل إرهان قد تم اغتصابه بعنف شديد .. وتشير تقارير وتحريات قسم شرطة أوسكودار أن هذه هي الجثة الثالثة لطفل في نفس العمر .. فقد سبقه الطفل جلال كورت بعدة أسابيع .. وقبله دورسان حبيب ... وكلهم بنفس الأعمار وقتلوا بنفس الطريقة السادية .. مما يشير إلى وجود قاتل طليق في إسطنبول منذ أكثر من شهر ... وأكد رئيس الشرطة السيد عيسى كادري أن القسم يبذل قصارى ..................
جريدة إستانبولوم .... 20 مايو ... 1995 تواصلت أعمال سفاح الأطفال الذي اصطلح الأهالي على تسميته ب ( أكشام باي ) – ترجمتها هي رجل الظلام بالعربية - .... وفي هذه المرة فقدت الطفلة إسراء كوتشا منذ يومين .. وتعقد الشرطة حملات مكثفة للبحث عن الطفلة التي بدت والدتها في أسوأ حالاتها أمس ... وأكد جهاز الأمن أن ...........
إعلان في مدرسة أوزيل إيريشيم الابتدائية ... على جميع طلاب المدرسة مراعاة مايلي :
1 – لن يسمح بانصراف أي طالب إلا مع ولي أمره مهما كانت الظروف وتدعو المدرسة الطلاب للاشتراك في باص المدرسة الذي تم تخفيض تكاليفه كثيرا بأمر من الإدارة .. 2- يمنع منعا باتا الخروج من المدرسة لأي سبب كان .. وكل من يفعل ذلك خفية تعتبر المدرسة غير مسؤولة عنه أمام ولي أمره .. 3 – يمنع منعا باتا التأخر عن طابور المدرسة دقيقة واحدة .. وكل من يفعل ذلك سيضرب أمام جميع الطلاب عشر ضربات على يده .... ولا تقبل أي أعذار .. كنا نحن كما رأيتنا من قبل في حكاية تحضير الأرواح .. أنا وهشام .. سارة ونورهان .. بتول وشقيقها علي .. و ولد أصلع ذو عيون خضراء يدعى مظفر .... وكلنا في مدرسة أوزيل الابتدائية التي تقع في نهاية شارعنا .. إنها تحتاج لخمس دقائق بالضبط من المشي العادي حتى نصل إليها من بيوتنا المتجاورة .. إسراء كوتشا .. طفلة في التاسعة من عمرها كانت تسكن في الشقة التي تعلونا مباشرة .. ولاريب أنك قد قرأت خبر اختفائها مثلنا في جريدة إستانبولوم .. والدتها في حالة مزرية وهي تشتري كل الجرائد حتى المغمورة منها وتقرؤها كلها حرفا حرفا متوجسة شرا ... الشرطة بدأت تفقد ثقة الناس فيها .. فليس أغلى على الإنسان من ذريته .. وكنا نحن نعيش وسط كل هذا الخضم .
لم نكن نحب إسراء .. بل إذا شئت الدقة كنا أعداءها الأزليين .. لكننا لم نكن نحب أبدا أن نقرأ خبر العثور على جثتها الذي يبدو أنه سيظهر بين ليلة وضحاها .. إن الرعب اجتاح اسطنبول بشكل لم يسبق له مثيل قبل الزلزال الشهير .. كانت إسراء معنا في نفس المدرسة .. بل إنها معي في نفس الفصل .. و آخر مرة شوهدت فيها هي خارج المدرسة تتسكع مع بعض الشبان الذين تهوى التسكع معهم دائما .. ثم لم يرها أحد بعد ذلك .. التحقيق مع الشبان لم يسفر عن شيء .. فقد قالوا أنها غادرتهم بعد أن زاروا محل أوتومان للآيس كريم .. كانوا معتوهين كلهم .. لذا يسهل تصديقهم .. لم نكن نحب إسراء .. لكننا كنا نفتقدها ... نفتقد ضحكتها السمجة وهي تخبيء كتابي في درجها وأنا أكاد أجن باحثا عنه في كل مكان خوفا من الاستاذ الشرير .. ثم وعندما أصل للنهاية تظهر هي مبتسمة متظاهرة بالبراءة ( هل هذا كتابك ؟ ) ..
دعني أعرفك بفصلنا السخيف لأدخلك في جو مدرستنا الكئيبة ذات المباني الحمراء .. والتي صارت أكثر كآبة بعد تلك الأحداث .. أنا أجلس عادة في المقدمة في الجهة اليمنى ... في الصف الثاني من الجهة الوسطى تجلس نورهان و بتول متجاورتين .. ذلك الأصلع الذي بجانبي هو مظفر .. وأنا لم أر أصلعا بهذه الوسامة من قبل .. في الصف الأخير من الفصل تجلس – كالعادة في أي مدرسة تحترم نفسها – شلة السوء الأبدية .. أوندير .. وهو فتى يملك جسدا كالصخر ويبدو شريرا .. ولا يخلو من مثله أي فصل في العالم حتى في الصومال حيث تنعدم الأوزان الثقيلة .. بجانبه فتى خبيث يدعى جيهان – وجيهان اسم رجل في تركيا - .. وهناك مقعد خال في الصف الأخير .. خال منذ ثلاثة أيام بالتحديد .. مقعد إسراء .. إسراء الشريرة .
فجأة وجدوا إسراء ... الحمقاء تاهت في اسطنبول بعد أن ركبت ( أوتوبيس ) يذهب إلى تلة تشاملجا الساحرة وهي تظن ان بإمكانها العودة بنفس الوسيلة .. كنت دائما أفتح نافذتي لأصغي لصرخاتها ووالدتها تضربها ضربا مبرحا لم تكن لتتلقاه من مختطفها لو أنها اختطفت .. لم أعرفك بنفسي بعد .. فأنا أرى وجوها جديدة هاهنا لم تقرأ حلقة الرعب منذ بدايتها ... أنا هنا أدعى أهميت .. وهو النطق التركي لكلمة أحمد .. لكنهم يعجزون عن الحاء ويتجاهلون الدال .. في التاسعة من عمري الآن .. وكما ترى فهذا فصل كل من فيه هو في التاسعة من عمره .. وفي هذا الفصل ظهر رعب من نوع جديد .. ظهر رجل الظلام .... أكشام باي ..
مر شهر كامل على أحداث الاختطاف ... ولم يسمع عن ضحية أخرى .. مع ان رجل الظلام لايزال حرا طليقا .. وهنا وفي مدرسة كمدرستنا ... مليئة بالمعتوهين والمفكرين والفلاسفة و والمدعين .. مزيج نادر لن تجده إلا لدينا .. في مدرسة كمدرسة أوزيل هذه كانت لابد أن تظهر إشاعة .. بل إشاعات تخص رجل الظلام .. يقول أوندير الضخم أنه صديق شخصي له رغم أنه كان يبكي كالبرغوث خوفا عند اختفاء إسراء ... يقولون أيضا أن رجل الظلام هو نفسه مدرس الرياضيات المرعب الذي يذكرك بفرانكشتاين ...
لكن هناك إشاعة أخرى أشد وطأة بدأت من مكان ما وانتشرت في اسطنبول كلها .. وأتت إلى مدرستنا مؤخرا ... هذه الإشاعة تقول باختصار أن رجل الظلام لا يعمل على هواه .. إنه يأتي بالطلب .. أي أن الضحية هي التي تطلبه ليأتي ويقتلها ... و أن الرقم الذي طلبه جميع ضحاياه قبل موتهم هو 777 ... وهو لا يعمل إلا بعد منتصف الليل .. إشاعة غريبة ... صدقها جميع أطفال تركيا .. وأصبحوا يهابون هذا الرقم بشدة .. وبعض المعتوهين الكبار - بسبب ضخامة الإشاعة - منعوا أطفالهم من استخدام التليفون نهائيا برفعه عن الخدمة ... إن رجل الظلام أرعب اسطنبول .. علمهم أن يفعلوا أي شيء مهما بدا مبالغا فيه لحماية أطفالهم ... فالحذر أفضل من وقوع المصيبة ... وبعض الحذر لن يضر أحدا ..
لم أكن أصدق هذه التفاهات أبدا .. رغم أنني في التاسعة من عمري إلا أنني كنت أعرف ان هذا كله سخف .. هل يسهر أكشام باي بجانب هاتفه بعد منتصف الليل كل يوم منتظرا أن يعطف عليه أحد ويتصل به من الأطفال ؟ .. ياله من عمل شاق ذلك الذي يعمله أكشام باي ... ذات يوم فتحنا الدليل وبحثنا فيه عن رقم 777 علنا نجده .. فهو قد يكون رقم المطافيء أو الإسعاف ... أو مؤسسة التعاونيات الإصلاحية أو الإصلاحات التعاونية أو أي اسم من هذه الأسماء التي لا نهاية لها أبدا ...لكنه لم يكن موجودا ... إن مطلق الإشاعة ليس أحمقا ... لابد أنه بحث في الدليل جيدا هو الآخر ... وهنا جاء سؤال بتول الشريرة لنا كالصاعقة .. من منكم يجرؤ على الاتصال بهذا الرقم بعد منتصف الليل ؟ ..
وهنا أود لفت انتباهكم إلى نقطة هامة .. إن بتول هي أميرة الفصل كله بلا أي منازع .. جذابة لدرجة أن أوندير وجيهان الشريران قد فعلا المستحيل لنيل رضاها دائما ... لكنني كنت أعلم أنها لي أنا .. لي وحدي .. أذكر تلك المرة في عيد ميلادي عندما كنت أنظر من النافذة إلى الثلوج التي غطت كل شيء .. أذكر أنها انسلت بخفة من ورائي و همست في أذني I Love You ثم هربت كالثعبان فلم أرها إلا غدا .. وقد تركت لي هدية متواضعة .. كنت أعرف أنها لي أنا وإن كنا لم نتحدث في الأمر أبدا ... إن حياة الأطفال من التاسعة وحتى الثالثة عشر هي أروع حياة ستكون قد عشتها في عمرك كله .. لكن بتول تجاوزت الحد هذه المرة ... تريدنا أن نتصل ب 777 .. إنها تحكم على من يفعل ذلك بالإعدام .. وبخبر صغير في جريدة آي جازيت ..
هل أجرؤ على الاتصال رغم علمي التام بأنها إشاعة ؟ ... ماذا إن كانت حقيقة ؟ ... أنا سمعت أن الإشاعات لابد لها من فتيل لتشتعل وتنتشر ... إنها لا تأتي من الفراغ ... ماذا لو كان هناك احتمال نصف بالمئة بصحة الإشاعة .... أين أذهب أنا بعدها ؟ ... كنت أتخيل رجل الظلام هو كالتالي ... رجل بملامح قاسية يرتدي عباءة سوداء طويلة ... وقبعة سوداء تشبه قبعة زورو تخفي نصف وجهه العلوي في الظلال ... إن أوندير جبن عن الاتصال رغم أنه فتوة الفصل كله ... وجيهان لازال يفكر في الأمر و يحسبها من جميع الزوايا .. هل يضحي بحياته من أجل بتول الشريرة ؟ .... أم أنه لازال لديه بعض المشاريع لينجزها ..... آه .. لقد تذكر ... لازال لم يصلح دراجته بعد ... إنه يريد تجربتها على منحدر تشاملجا الكبير .... لاريب أن النزول بها من على المنحدر المسفلت سيكون ممتعا جدا .... ينظر إلى بتول فيجدها جميلة .... تلك اللعينة .... ثم حسم أمره في النهاية ... إنه ليس بهذا الغباء .. لن يتصل ... إن أمامه حياة حافلة يريد أن يعيشها ... وسيجد ألف فتاة مثل بتول في هذا العالم .. إن مارلين مونرو تبدو رائعة ومناسبة جدا ... ماذا ؟ ... ماتت ؟ .... لا بأس ... لابد من واحدة أخرى في مكان ما .. أما أنا فقد حسمت أمري .... إن رجل الظلام هذا بشر مثلنا وليس كائنا أسطوريا خلق ليغتال الأطفال أمثالنا ... سأتصل به .. وسأمكث في البيت بعدها وسأغلق كل النوافذ ... وإذا كان رجلا فليصل إلي بالداخل .. لماذا اتخذت هذا القرار ؟ .... لأنه من الممتع أن تفعل شيئا لم يسبقك أحد إلى فعله من قبل .. ثم إن هذا سيضمن لي بتول إلى الأبد .. إنها تجارة رابحة إذن ... لكنني أقسم أنني خائف ... لكن ليس للحد الذي أجبن فيه على الاتصال ... إنني قلق ... ولكنني سأتخذ كل الاحتياطات ... جميع الضحايا السابقين كانوا أغبياء ولم يعلموا أن هذا الرقم يودي إلى هلاكهم ... أما أنا فأعلم ... أنا الوحيد بينهم الذي أعلم ... فأنا الوحيد الذي أستحق النجاة ... هذا إذا كان الأمر صحيحا من أساسه .
نعم سأفعلها في هذه الليلة .... إن الجميع جالسين معي الآن بالغرفة ... التليفون أمامي ينظر لي بسخرية .. نعم ينظر لي بسخرية ويوشك أن يخرج لي لسانه قائلا بأنني لن أتمكن من رفع سماعته اليوم ... بتول تنظر لي بترقب ... سارة شقيقتي تشعر أنها ستراني آخر مرة ... هشام يبدو متحمسا .. مظفر الأصلع يجلس بجانبي .. وهو الذي سيطلب لي الرقم ليتأكد أنني لن أتلاعب بهم ... نورهان تنظر إلى الساعة لتحدد لنا ساعة الصفر ... إن حياة الطفولة كانت حافلة حقا ... وإن الذي حرم منها لسبب ما بائس حقا .. ولن يعيش مثلها في حياته كلها مهما حاول ..
. وهنا قالت نورهان أن الوقت قد حان .... إن الساعة تجاوزت الثانية عشرة بعد منتصف الليل بثلاث دقائق .. وهنا رفعت سماعة التليفون متظاهرا باللامبالاة ... وأنا أرتجف من داخلي كضفدع خرج من بياته في ليلة ممطرة ... ترى ماذا سأسمع عندما أتصل بالرقم ... هل سأسمعه يقول ( آلو ) الشهيرة .... أم سيقول مثل الأتراك ( أفندم ) عندما يفتحون التليفون .... أم أنه لن يتكلم ... أم أنني سأجده مشغولا .... إن مظفر يبدو متشفيا ومتحمسا جدا لخراب بيتي ... إن يده تتجه إلى لوحة الأرقام وعيناه الخضراوتين تنظران إلي مباشرة ... تيت ... تيت ... تيت ... 7 ... 7 .... 7 .
تييييت ...... تيييييت ....... تييييت ......جرس كئيب ....... تيييييييييت ...... تييييييييت ...... تشكلككل ( صوت شيء ما ) ..... وهنا سمعت صوتا غريبا مخيفا ..... صوتا لا أدري ماهو .... صوت كالفحيح ثابت لا ينقطع ..... اتسعت عيناي في رعب .... الكل ينظر إلي وقد انتقل الرعب إليهم ..... يظنون أنني أسمع رجل الظلام يهددني .... بعضهم يفكر في الفرار ......... تشكلللكمك ......... شششششششششششششششششششش ....... ماهذا الصوت ؟...... شششششششش .... هل هي رسالة ما ؟ ..... ربما هي لغة خاصة ...... وهنا سمعت صوتا عاليا جدا ...... (تيييييييييييييييت ) عالية جدا صمت أذني فرميت السماعة صارخا من الألم ...... لن أحكي لك عن حالة الحمقى الذين معي في الغرفة لأنهم كانوا في أشد حالات رعبهم ...... ماهذا الذي سمعته ؟ ..... تبدو رسالة تقول إن خراب بيتي وشيك جدا .... يالتعاستي .... لماذا تحصل لي هذه الأشياء دائما ..
زاد هشام الأمر سوءا علي .... لن ينام اليوم معي في الغرفة كما يفعل دائما ... سيهرب إلى الصالة خوفا من أكشام باي ... سأنام اليوم وحيدا ... إنني أشم رائحة نهايتي بالفعل ... هكذا تتأتي جميع الظروف لموتي .... في البداية يتخلى عني هشام .... ثم حتما سينقطع النور في هذه الليلة المشؤومة بالذات ... ثم وبالتأكيد سيأتي إلي ويأخذني لعالم آخر ... عالم الآخرة .... نمت اليوم ليلة عصيبة جدا ..... كنت أرتجف مع أقل صوت يحدثه الأثاث حين يصدر تلك الأصوات التي لانفهم لها سببا .... الثلاجة تنطفيء وتنفتح بعد قليل لتبدأ دورتها التبريدية .... وهذا يحدث أصواتا مخيفة مفاجئة ... ماهذه الأصوات في الخارج ؟ .... لا أنفك أنظر إلى النافذة الوحيدة في غرفتي ..... إنه سيأتي منها حتما .... سأرى ظلا ما وراء هذا الستار الأبيض .... ثم سأسمع من يحاول فتح النافذة ... ثم ستمتد يد ما ....... يا إلهي ... إنني أكثر من مشاهدة أفلام الرعب حقا ....
في الصباح التالي كانت حالتي مزرية ..... شكلي يبدو كالزومبيات تماما ... كان اليوم هو الجمعة ولا توجد مدرسة ... كم أحب هذا اليوم ... انتهينا من صلاة الجمعة ... وعدت مع ذلك الجبان هشام نتمشى إلى المنزل ... كان معنا مظفر يتحدث عن كرة القدم كدأبه دائما .... وكيف أن المدرب غبي حيث سمح للاعب مثل هون بالنزول رغم أنه لا يفقه شيئا في كرة القدم ... وأنه – مظفر – يستطيع اللعب أفضل منه .... دنونا من البيت ... وهنا رأيت شيئا مرعبا .... أو إذا شئنا الدقة رجلا مرعبا .... كانت سيارة القمامة تمر وخلفها يتعلق رجلان .... أحدهما كان مخيفا جدا .... لديه عين بيضاء تماما وعين أخرى سليمة .... ووجهه دميم جدا .... يا إلهي .... إن الرجل ينظر ناحيتي مباشرة .... هل هذه ابتسامة على شفتيه أم أنني أتخيل ؟ .... إنه هو .... أكشام .... أكشام باي .. إنه رآني ... لقد أتى من أجلي .
في اليوم التالي ذهبت إلى المدرسة .... كنت قد أصبحت مشهورا بعد أن انتشر خبر اتصالي ب 777 ... كل الشبان الذين يمرون أمامي يخبطونني في كتفي بقبضاتهم بمزاح قائلين شيئا ما عن ذلك الفتى الذي كانوا يظنونه عاديا .... بالفعل أنا لست عاديا .... أنا سأصير الضحية الرابعة لأكشام الرهيب .... لقد رأيته ... تبا لك يا بتول ... لماذا تكون الجميلات شريرات دائما ...... أصبحت بتول تعطيني اهتماما خاصا مما أثار غضب وحفيظة جيهان و أوندير الخبيثين .... ليس من مصلحتي أن يزداد أعدائي بهذا الشكل .... عموما هم لن يجدوا من ينتقموا منه ... سيكون رجل الظلام قد سبقهم ...... ومظفر السمج .... لن يجد من يتحمل ثرثرته خيرا مني ....
عدت إلى البيت شاعرا بتعاسة لم يفهمها من حولي .... أبي عرف بأمر أنني اتصلت بالرقم الأسطوري ... فضحك كثيرا وقال لي أن علي أن أنتظر نهايتي من الآن فصاعدا .... مشكلة الكبار أنهم يظنوننا أطفالا .... نحن لسنا أطفالا .... نحن صغار فقط ... دوى جرس الباب وسمعت صوتا ما يناديني أن أفتح لأنه مشغول .... لا بأس .... فتحت الباب فوجدت رجلا طويلا ... يرتدي ملابس جامعي القمامة .... لديه عين بيضاء تماما وأخرى سليمة .... شكله أشبه بضفدع لم يغتسل منذ تسع شهور .......
هاهو قد أتى إلي في عقر داري إذن ..... لكن من قال أنني سأعطيه الفرصة ..... صرخت صرخة مدوية ..... ثم أغلقت الباب في وجهه وجريت بأقصى سرعتي إلى الحمام ... أغلقته علي ومكثت بداخله بعض الوقت ... المكان الوحيد الآمن الخالي من النوافذ هنا .... إنه الجرس يرن مرة أخرى.... لم أرى قاتلا بمثل هذا الإصرار من قبل .... قاتل يدق باب ضحيته ليقتلها ..... لن يخدعني بزبه المزيف هذا .... لكن ماذا إذا فتحت له شقيقتي ... أو أمي .... سيجدهم في طريقه للوصول إلي فيقتلهم ليزيحهم نهائيا من الدنيا..... من قال أن هذا سيحصل .... سأخرج و أقتله قبل أن يقتلني ....
رن الجرس مرة أخرى .... يالإصرارك .... ها أنا قادم إليك يا وجه الضفدع ..... أخذت سكين من المطبخ وسط نظرات أمي الذاهلة إلى الشر الذي بدا في عيني ..... أحمد ... ماذا تفعل يا أحمق ؟. .....ليس هذا وقت إجابة الأسئلة السخيفة .... إن عائلتي في خطر داهم .... فتحت الباب فوجدته أمامي ..... كان يهم بالتحدث لكنني بادرته قائلا .... ابتعد من هنا يا وجه الضفدع .... يا رجل الظلام السخيف ... ابتعد الآن وإلا قتلتك بهذه السكين ... نظر لي بعينه السليمة بدهشة للحظة .... ثم نظر في الأرض بحزن .... ثم استدار وانصرف ....
لماذا لم يختطفني ؟ ... لماذا لم يفعل شيئا مما يفعله رجال الظلام في جميع أنحاء الأرض ؟. ... مهلا .... ماذا إذا كنت مخطئا ؟. .... لكنني لم أر جامع القمامة هذا من قبل في حينا ..... هل هو وافد جديد ؟ ..... إذا كان هذا حقا فقد آذيت الرجل وطعنته بهذا السكين في مشاعره عندما وصفته بوجه الضفدع ..... يالقسوتي ... بل يالغبائي وتهوري .... إننا كما يقول عنا الكبار .... أطفال صغار ... نستحق أن نضرب وتشد آذاننا ونمنع من المصروف ..... إننا حقا أطفال صغار .
وهكذا مر شهر كامل على هذه الأحداث .... لم يسمع أحد عن رجل الظلام فيه .... لابد أنه آثر الاختفاء ... أو أنه مل من الأمر برمته ... أو أنه تزوج و اهتدى أمره ... أو أنه مات .... أو أنه لازال يخطط لأمر آخر لا ندري عنه شيئا .... وإلى الآن لم تعلن الصحف التركية عن قبضها على أكشام باي الرهيب أبدا .... انشغلوا بسفاحين آخرين أشد تدميرا ..... ونسوه تماما .... رأيت رجل القمامة بعدها يتحاشى المرور على شقتنا ... فذهبت مع هشام واعتذرت له عن سخافتي .... قلت له انني كنت أمزح معه ..... نظر لي بعينه الواحدة في سرور وقال ... تشكرا ديريم ..... وتعني شكرا لك جدا .....
ودعوني أسألكم نفس السؤال الذي سألته لنا بتول ذات مرة ...... هل يجرؤ أحدكم الذهاب إلى تليفونه بعد منتصف الليل والناس نيام ..... ويطلب هذا الرقم ..... 777 ... ؟؟؟ | |
|